وَأَيْضًا فَشَرْطُ الِالْتِفَاتِ أَنْ يَكُونَ فِي جُمْلَتَيْنِ و فطرني وإليه تُرْجَعُونَ كَلَامٌ وَاحِدٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ المراد بقوله: ترجعون ظَاهِرَهُ لَمَا صَحَّ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ، لِأَنَّ رُجُوعَ العبد إلى مولاه ليس بمعنى أن يعبده غَيْرَ ذَلِكَ الرَّاجِعِ فَالْمَعْنَى: كَيْفَ أَعْبُدُ مَنْ إِلَيْهِ رُجُوعِي وَإِنَّمَا تُرِكَ وَإِلَيْهِ أَرْجِعُ إِلَى وإليه ترجعون لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِمْ.
وَمَعَ ذَلِكَ أَفَادَ فَائِدَةً حَسَنَةً وَهِيَ أَنَّهُ نَبَّهَهُمْ أَنَّهُمْ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ عِبَادَةِ مَنْ إِلَيْهِ الرُّجُوعُ فَعَلَى هَذَا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَاوُ الْعَطْفِ.
وَمِنْهُ قوله: {رحمة من ربك} عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ: {رَحْمَةً مِنَّا} إِلَى قَوْلِهِ: {رحمة من ربك} لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِشْعَارِ بِأَنَّ رُبُوبِيَّتَهُ تَقْتَضِي رَحْمَتَهُ وَأَنَّهُ رَحِيمٌ بِعَبْدِهِ كَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنْ رزق ربكم} .
وقوله: {ادعوا ربكم} {واعبدوا ربكم} وَهُوَ كَثِيرٌ.
وَقَوْلُهُ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مبينا ليغفر لك الله} وَلَمْ يَقُلْ: لِنَغْفِرَ لَكَ تَعْلِيقًا لِهَذِهِ الْمَغْفِرَةِ التَّامَّةِ بِاسْمِهِ الْمُتَضَمِّنِ لِسَائِرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَلِهَذَا عَلَّقَ بِهِ النَّصْرَ فَقَالَ: {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عزيزا} .
الثَّانِي: مِنَ التَّكَلُّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ.
وَوَجْهُهُ أَنْ يَفْهَمَ السَّامِعُ أَنَّ هَذَا نَمَطُ الْمُتَكَلِّمِ وَقَصْدُهُ مِنَ السَّامِعِ حَضَرَ أَوْ غَابَ،.