وَضْعُ جَمْعِ الْقِلَّةِ مَوْضِعَ الْكَثْرَةِ.
لِأَنَّ الْجُمُوعَ يَقَعُ بَعْضُهَا مَوْقِعَ بَعْضٍ لِاشْتِرَاكِهَا فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} فَإِنَّ الْمَجْمُوعَ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ لِلْقِلَّةِ وَغُرَفُ الْجَنَّةِ لَا تُحْصَى.
وَقَوْلِهِ: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} وَرُتَبُ النَّاسِ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنَ الْعَشْرَةِ لَا مَحَالَةَ.
وَقَوْلِهِ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} .
وقوله: {واستيقنتها أنفسهم} وَهُوَ كَثِيرٌ.
وَقِيلَ: سَبَبُ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى دُخُولُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَكْثِيرًا لَهَا وَكَانَ دُخُولُهَا عَلَى جَمْعِ الْقِلَّةِ أَوْلَى مِنْ دُخُولِهَا عَلَى جَمْعِ الْكَثْرَةِ إِشَارَةً إِلَى قِلَّةِ مَنْ يَكُونُ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهَا إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ!.
وَقَدْ نص سبحانه على قتلهم بِالْإِضَافَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} فَيَكُونُ التَّكْثِيرُ الدَّاخِلُ فِي قَوْلِهِ: {وَهُمْ فِي الغرفات} لَا مِنْ جِهَةِ وَضْعِ جَمْعِ الْقِلَّةِ مَوْضِعَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ مَا اقْتَضَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ جُمُوعَ التَّكْثِيرِ الْأَرْبَعَةَ وَجَمْعَيِ التَّصْحِيحِ - أَعْنِي جَمْعَ التَّأْنِيثِ وَجَمْعَ التَّذْكِيرِ - كُلُّ ذَلِكَ لِلْقِلَّةِ أَمَّا جُمُوعُ التَّكْسِيرِ فَبِالْوَضْعِ وَأَمَّا جَمْعَا التَّصْحِيحِ، فَلِأَنَّهُمَا.