صَبُورٌ بِغَيْرِ هَاءٍ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى صَابِرَةٍ فَهَذَا حُكْمُ فَعُولٍ إِذَا عَدَلَ عَنْ فَاعِلِهِ فَإِنْ عَدَلَ عَنْ مَفْعُولِهِ جَاءَ بِالْهَاءِ كَمَا قَالَ.
*مِنْهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً*
بِمَعْنَى مَحْلُوبَةٍ حَكَاهُ التَّوْحِيدِيُّ فِي "الْبَصَائِرِ".
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي قَوْلِهِ تعالى: {من يحيي العظام وهي رميم} وَلَمْ يَقُلْ: رَمِيمَةٌ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ فَاعِلِهِ وَكُلَّمَا كَانَ مَعْدُولًا عَنْ جِهَتِهِ وَوَزْنِهِ كَانَ مَصْرُوفًا عَنْ فَاعِلِهِ كَقَوْلِهِ: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بغيا} أَسْقَطَ الْهَاءَ لِأَنَّهَا مَصْرُوفَةٌ عَنْ بَاغِيَةٍ .
وَقَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} إِنَّ الضَّمِيرَ فِي ذَلِكَ يَعُودُ لِلرَّحْمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَ لِتِلْكَ لِأَنَّ تَأْنِيثَ الرَّحْمَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ ربي} وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {إِلَّا من رحم} كَمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنْ يرحم ويجوز رجوع الكتابة إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَرْحَمَ وَالتَّذْكِيرُ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {وَلِذَلِكَ خلقهم} كِنَايَةً عَنِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَكَوْنِهِمْ فِيهِ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ لِهَذَا خَلَقَهُمْ.
وَيُطَابِقُ هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إلا ليعبدون} ، قال: فأما قوله: {ولا يزالون مختلفين} فَمَعْنَاهُ الِاخْتِلَافُ فِي الدِّينِ وَالذَّهَابُ عَنِ الْحَقِّ فيه.