الثَّالِثُ: قَدْ يَكُونُ الشَّفِيعُ غَيْرَ مُطَاعٍ فِي بَعْضِ الشَّفَاعَاتِ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ مَا يُوهِمُ صُورَةَ الشَّفَاعَةِ مِنْ غَيْرِ إِجَابَةٍ كَحَدِيثِ الْخَلِيلِ مَعَ وَالِدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا دَلَّ عَلَى التَّلَازُمِ دَلِيلُ الشَّرْعِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَمْ يكن له ولي من الذل} أَيْ مِنْ خَوْفِ الذُّلِّ فَنَفْيُ الْوَلِيِّ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الذُّلِّ فَإِنَّ اتِّخَاذَ الْوَلِيِّ فَرْعٌ عَنْ خوف الذل وسبب عنه.
وقوله: {لا تأخذه سنة ولا نوم} ، نَفْيُ الْغَلَبَةِ وَالْمُرَادُ نَفْيُ أَصْلِ النَّوْمِ وَالسِّنَةِ عَنْ ذَاتِهِ فَفِي الْآيَةِ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِ النَّوْمِ وُقُوعًا وَجَوَازًا أَمَّا وُقُوعًا فَبِقَوْلِهِ: {لَا تَأْخُذُهُ سنة ولا نوم} وَأَمَّا جَوَازًا فَبِقَوْلِهِ: {الْقَيُّومُ} وَقَدْ جَمَعَهُمَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ "
وَقَوْلُهُ: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم} أَيْ بِمَا لَا وُجُودَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ وجد لعلمه بوجود الوجوب تعلق علم الله بِكُلِّ مَعْلُومٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} ، عَلَى قَوْلِ مَنْ نَفَى الْقَبُولَ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ وَهُوَ التَّوْبَةُ لَا يُوجَدُ تَوْبَةٌ فَيُوجَدُ قَبُولٌ.
وعكسه: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} ، فَإِنَّهُ نَفْيٌ لِوِجْدَانِ الْعَهْدِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ.
وَقَوْلُهُ: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ الله بها من سلطان} ، أَيْ مِنْ حُجَّةٍ أَيْ لَا حُجَّةَ عَلَيْهَا فَيَسْتَحِيلُ إِذَنْ أَنْ يَنْزِلَ بِهَا حُجَّةٌ.