وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ:
وَكَأَنَّ النُّجُومَ بَيْنَ دُجَاهُ
... سُنَنٌ لَاحَ بَيْنَهُنَّ ابْتِدَاعُ
وَيَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إِلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:.
الْأَوَّلُ: قَدْ يُشَبَّهُ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ الْحَاسَّةُ بِمَا لَا تَقَعُ اعْتِمَادًا عَلَى مَعْرِفَةِ النَّقِيضِ وَالضِّدِّ فَإِنَّ إِدْرَاكَهُمَا أَبْلَغُ من إدراك الحاسة كقوله تعالى: {كأنه رؤوس الشياطين} ، فَشَبَّهَ بِمَا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ مُنْكَرٌ قَبِيحٌ لِمَا حَصَلَ فِي نُفُوسِ النَّاسِ مِنْ بَشَاعَةِ صُوَرِ الشَّيَاطِينِ وَإِنْ لَمْ تَرَهَا عَيَانًا.
الثَّانِي: عَكْسُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ} أَخْرَجَ مَا لَا يُحَسُّ - وَهُوَ الْإِيمَانُ - إِلَى مَا يُحَسُّ - وَهُوَ السَّرَابُ - وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بُطْلَانُ التَّوَهُّمِ بَيْنَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ وَعِظَمِ الْفَاقَةِ.
الثَّالِثُ: إخرج مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ، نَحْوَ: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنه ظلة} ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الِانْتِفَاعُ بِالصُّورَةِ. وَكَذَا قَوْلُهُ: {إِنَّمَا مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} وَالْجَامِعُ الْبَهْجَةُ وَالزِّينَةُ ثُمَّ الْهَلَاكُ وَفِيهِ الْعِبْرَةُ.
الرَّابِعُ: إِخْرَاجُ مَا لَا يُعْرَفُ بِالْبَدِيهَةِ إِلَى مَا يُعْرَفُ بِهَا كَقَوْلِهِ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ والأرض} الْجَامِعُ الْعِظَمُ وَفَائِدَتُهُ التَّشْوِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ بِحُسْنِ الصفة.