وقوله: {إن المتقين في مقام أمين} بَعْدَ قَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تمترون}
وقوله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} إِذَا جُعِلَتْ {إِنَّا لَا نُضِيعُ} خَبَرًا إِذِ الْخَبَرُ لَا يُعْطَفُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ
وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} بَعْدَ قَوْلِهِ {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يسمعون}
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُغَايِرَ مَا قَبْلَهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا نوع من الارتباط بِوَجْهٍ فَلَا عَطْفَ أَيْضًا إِذْ شَرْطُ الْعَطْفِ الْمُشَاكَلَةُ وَهُوَ مَفْقُودٌ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ الذين كفروا سواء عليهم} بعد قوله {وأولئك هم المفلحون}
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ حُكْمُ هَذِهِ الْحَالَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا وَاحِدًا أَدَّى إِلَى الْإِلْبَاسِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْطِفِ الْتَبَسَ حَالَةُ الْمُطَابَقَةِ بِحَالَةِ المغايرة وهلا عطفت الحالة الأولى بِالْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَطْفِ يُوهِمُ الْمُطَابَقَةَ والعطف يوهم عدمها فلما اخْتِيرَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ إِلْبَاسٍ؟
قِيلَ: الْعَاطِفُ يُوهِمُ الْمُلَابَسَةَ بِوَجْهٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ بِخِلَافِ سُقُوطِ الْعَاطِفِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَوْهَمَ الْمُطَابَقَةَ إِلَّا أَنَّ أَمْرَهُ وَاضِحٌ فَبِأَدْنَى نَظَرٍ يُعْلَمُ فَزَالَ الْإِلْبَاسُ
الْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُغَايِرَ مَا قَبْلَهَا لَكِنْ بَيْنَهُمَا نوع ارتباط وهذه هي الَّتِي يَتَوَسَّطُهَا الْعَاطِفُ كَقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المفلحون} وَقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خالدون}