أما الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} الْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ فِعْلُ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ تَقْدِيرُهُ أُقْسِمُ بِالنَّجْمِ وَقْتَ هُوِيِّهِ
وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِشْكَالِ فَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّمَانَيْنِ لَمَّا اشْتَرَكَا فِي الْوُقُوعِ الْمُحَقَّقِ نَزَلَا مِنْزِلَةَ الزَّمَانِ الْوَاحِدِ وَلِهَذَا يَصِحُّ عَطْفُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ شاء جعل لك خيرا من ذلك} ثم قال: {ويجعل}
وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ جَوَابِ الْفَارِسِيِّ لَمَّا سَأَلَهُ أَبُو الْفَتْحِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ اليوم إذ ظلمتم} مُسْتَشْكِلًا إِبْدَالَ إِذْ مِنَ الْيَوْمَ فَقَالَ الْيَوْمَ حَالٌ وَظَلَمْتُمْ فِي الْمَاضِي فَقَالَ إِنَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ مُتَّصِلَتَانِ وَإِنَّهُمَا فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ فَكَأَنَّ الْيَوْمَ مَاضٍ وَكَأَنَّ إِذْ مُسْتَقْبَلُهُ
وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ لِأَنَّ الْحَالَ كَمَا تَأْتِي مُقَارَنَةً تَأْتِي مُقَدَّرَةً وَهِيَ أَنْ تُقَدِّرَ الْمُسْتَقْبَلَ مُقَارَنًا فَتَكُونُ أَطْلَقْتَ مَا بِالْفِعْلِ عَلَى مَا بِالْقُوَّةِ مَجَازًا وَجَعَلْتَ الْمُسْتَقْبَلَ حَاضِرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ تَقْدِيرُهُ وَهُوَ الْعَامِلُ وَلَا يَلْزَمُ مَا قَالَ مِنِ اخْتِلَافِ الزَّمَانَيْنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْآنَ أَنْ يقسم بطلوع النجم فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ بِالشَّيْءِ الَّذِي سَيُوجَدُ
وَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَخِيرُ فَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ فَقَالَ إِذَا