إِنَّ الْمَكْسُورَةُ الْمُشَدَّدَةُ
لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا لِلتَّأْكِيدِ نَحْوُ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}
وَلِلتَّعْلِيلِ، أَثْبَتَهُ ابْنُ جِنِّي مِنَ النُّحَاةِ وَكَذَا أَهْلُ الْبَيَانِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي نَوْعِ التَّعْلِيلِ مِنْ قِسْمِ التَّأْكِيدِ
وَبِمَعْنَى "نَعَمْ" فِي قَوْلِهِ تعالى: {إن هذان لساحران} فيمن شدد النون
قال أبو إسحاق: عَرَضْتُ هَذَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَضِيَاهُ
وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: كَأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا بَعْدَ التَّنَازُعِ عَلَى قَذْفِ النَّبِيِّينَ بِالسِّحْرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا
وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ هِيَ بِمَعْنَى أَجَلْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سُؤَالٌ عَنْ سِحْرِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ} فَتَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَصْرُوفَةً إِلَى تَصْدِيقِ أَلْسِنَتِهِمْ فِيمَا ادَّعَوْهُ مِنَ السِّحْرِ
وَاسْتَضْعَفَهُ الْفَارِسِيُّ بِدُخُولِ اللَّامِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي ضَرُورَةٍ
فَإِنْ قُدِّرَتْ مُبْتَدَأً مَحْذُوفًا أَيْ فَهُمَا سَاحِرَانِ فَمَرْدُودٌ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَلِيقُ بِهِ الْحَذْفُ
وَقِيلَ: دَخَلَتِ اللَّامُ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ أَوْ لِمَا كَانَتْ تَدْخُلُ مَعَهَا فِي الْخَبَرِيَّةِ
وَقِيلَ: جَاءَ عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُثَنَّى بالألف مطلقا