حَرْفُ الْبَاءِ
أَصْلُهُ لِلْإِلْصَاقِ وَمَعْنَاهُ اخْتِلَاطُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وَيَكُونُ حَقِيقَةً وَهُوَ الْأَكْثَرُ نَحْوُ بِهِ داء ومجازا كـ "مررت بِهِ" إِذْ مَعْنَاهُ جَعَلْتُ مُرُورِي مُلْصَقًا بِمَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهُ لَا بِهِ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الِاتِّسَاعِ
وَقَدْ جَعَلُوا مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا برؤوسكم}
وَقَدْ تَأْتِي زَائِدَةً:
إِمَّا مَعَ الْخَبَرِ نَحْوُ: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}
وَإِمَّا مَعَ الْفَاعِلِ نَحْوُ: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} فـ "الله" فاعل وشهيدا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَوِ التَّمْيِيزِ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ وَدَخَلَتْ لِتَأْكِيدِ الِاتِّصَالِ أَيْ لِتَأْكِيدِ شِدَّةِ ارْتِبَاطِ الْفِعْلِ بِالْفَاعِلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَطْلُبُ فَاعِلَهُ طَلَبًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْبَاءُ تُوَصِّلُ الْأَوَّلَ إِلَى الثَّانِي فَكَأَنَّ الْفِعْلَ يَصِلُ إِلَى الْفَاعِلِ وَزَادَتْهُ الْبَاءُ اتِّصَالًا
قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ: فَعَلُوا ذَلِكَ إِيذَانًا بِأَنَّ الْكِفَايَةَ مِنَ اللَّهِ لَيْسَتْ كَالْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِهِ فِي عِظَمِ الْمَنْزِلَةِ فَضُوعِفَ لَفْظُهَا لِيُضَاعَفَ مَعْنَاهَا
وَقِيلَ: دَخَلَتِ الْبَاءُ لِتَدُلَّ عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى اكْتَفُوا بِاللَّهِ
وَقِيلَ: الْفَاعِلُ مُقَدَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ كَفَى الِاكْتِفَاءُ بِاللَّهِ فَحُذِفَ الْمَصْدَرُ وَبَقِيَ مَعْمُولُهُ دَالًّا عَلَيْهِ