قِيلَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ حَيْثُ أُفْرِدَ يُقَدَّرُ الْحَذْفُ مُفْرَدًا وَحَيْثُ جُمِعَ يُقَدَّرُ جَمْعًا فَيُقَدَّرُ في قوله: {فكلا أخذنا بذنبه}
كُلُّ وَاحِدٍ وَيُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخرين} .
كُلُّ نَوْعٍ مِمَّا سَبَقَ لَكَانَ مُوَافِقًا إِذَا أُضِيفَ لَفْظًا إِلَى نَكِرَةٍ.
وَمَا ذَكَرُوهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَقْدِيرَهُ وَكُلُّهُمْ أَتَوْهُ وَكِلَا التَّقْدِيرَيْنِ سَائِغٌ وَالْمُرَادُ الْجَمْعُ.
وَيَتَعَيَّنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلٌّ في فلك يسبحون} .
أَنَّ كُلًّا مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْجَمْعِ وَقَدْ قَدَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ {كل يعمل على شاكلته} كُلُّ أَحَدٍ وَهُوَ يُسَاعِدُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي نِتَاجِ الْفِكْرِ إِذَا قُطِعَتْ كُلٌّ عَنِ الْإِضَافَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهَا جَمْعًا لِأَنَّهَا اسْمٌ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ تَقُولُ كَلٌّ ذَاهِبُونَ إِذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ قَوْمٍ وَأَجَابَ عَنْ إِفْرَادِ الْخَبَرِ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ فِيهَا قَرِينَةً تَقْتَضِي تَحْسِينَ الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ دُونَ غَيْرِهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} فَلِأَنَّ قَبْلَهَا ذِكْرَ فَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مُؤْمِنِينَ وَظَالِمِينَ فَلَوْ جَمَعَهُمْ فِي الْأَخْبَارِ وَقَالَ كَلٌّ يَعْمَلُونَ لَبَطُلَ مَعْنَى الِاخْتِلَافِ وَكَانَ لَفْظُ الْإِفْرَادِ أَدَلَّ عَلَى الْمُرَادِ وَالْمَعْنَى كُلُّ فَرِيقٍ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرسل} فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ قُرُونًا وَأُمَمًا وَخَتَمَ ذِكْرَهُمْ بِقَوْمِ تُبَّعٍ فَلَوْ قَالَ كَلٌّ كَذَّبُوا لَعَادَ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ فَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ قَوْمِ تُبَّعٍ خَاصَّةً فَلَمَّا قَالَ: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ} عُلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ كُلَّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ كَذَّبَ لِأَنَّ إِفْرَادَ الْخَبَرِ عَنْ كُلٍّ حَيْثُ وَقَعَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى