وَرُبَّمَا جَاءَتْ كَيْ بِلَا لَامٍ كَقَوْلِهِ: {كَيْ لا يكون دولة بين الأغنياء} .
وَفِي مَعْنَاهُ لَامُ الصَّيْرُورَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَكُونَ لهم عدوا وحزنا} {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون}
وَتُسَمَّى لَامَ الْعَاقِبَةِ فَإِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِذَلِكَ بَلْ لِضِدِّهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا}
وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ عَلَامَتَهَا جَوَازُ تَقْدِيرِ الْفَاءِ مَوْضِعَهَا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَامُ التَّعْلِيلِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ لَامِ التَّعْلِيلِ الَّتِي فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: {لِنُحْيِيَ بِهِ بلدة ميتا} .
أَنَّ لَامَ التَّعْلِيلِ تَدْخُلُ عَلَى مَا هُوَ غَرَضٌ لِفَاعِلِ الْفِعْلِ وَيَكُونُ مُرَتَّبًا عَلَى الْفِعْلِ وَلَيْسَ فِي لَامِ الصَّيْرُورَةِ إِلَّا التَّرَتُّبُ فَقَطْ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ أَفَادَتِ اللَّامُ نَفْسَ الْعِلَّةِ وَالسَّبَبِ وَلَا يَجِبُ فِي الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ غَرَضًا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِكَ خَرَجْتُ مِنَ الْبَلَدِ مَخَافَةَ الشَّرِّ فَقَدْ جَعَلْتَ الْمَخَافَةَ عِلَّةً لِخُرُوجِكَ وَمَا هِيَ بِغَرَضِكَ.
وَنَقَلَ ابْنُ فَوْرَكٍ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ: أَنَّ كُلَّ لَامٍ نَسَبَهَا اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهِيَ لِلْعَاقِبَةِ وَالصَّيْرُورَةِ دُونَ التَّعْلِيلِ لِاسْتِحَالَةِ الْغَرَضِ
وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِقَوْلِهِ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} .
وقوله: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا يغفر لك الله} . فَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالتَّعْلِيلِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إِذْ هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ