وكذلك قوله تعالى: {لئلا يعلم} . أَيْ فَعَلَ اللَّهُ هَذَا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ هَلْ وَقَعَ أَمْ لَا؟
وَإِذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَقَوْلُهُ: {لِئَلَّا يَعْلَمَ} بَاقٍ عَلَى مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ.
الثَّالِثُ: قَبْلَ قَسَمٍ كَقَوْلِهِ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} .
الْمَعْنَى أُقْسِمُ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ: {لَأُقْسِمُ} وهي قراء قَوِيمَةٌ لَا يُضْعِفُهَا عَدَمُ نُونِ التَّوْكِيدِ مَعَ اللام لأن المراد بأقسم فِعْلُ الْحَالِ وَلَا تَلْزَمُ النُّونُ مَعَ اللَّامِ.
وَقِيلَ: إِنَّهَا غَيْرُ زَائِدَةٍ بَلْ هِيَ نَافِيَةٌ.
وَقِيلَ: عَلَى بَابِهَا وَنَفَى بِهَا كَلَامًا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ مِنْ إِنْكَارِ الْقِيَامَةِ فَـ "لَا أُقْسِمُ" جَوَابٌ لِمَا حُكِيَ مِنْ جَحْدِهِمُ الْبَعْثَ كَمَا كَانَ قوله: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} .
جوابا لقوله: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} .
لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَجْرِي مَجْرَى السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَهَذَا أَوْلَى مِنْ دَعْوَى الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْإِلْغَاءَ وَكَوْنُهَا صَدْرَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي الِاعْتِنَاءَ بِهَا وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ
قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ: وَلَيْسَتْ "لَا" فِي قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} . وقوله: {فلا أقسم برب المشارق} . وَنَحْوِهِ بِمَنْزِلَتِهَا فِي قَوْلِهِ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} ،كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ لِمَجِيئِهَا بَعْدَ الْفَاءِ