لَيْسَ بِشِعْرٍ فَإِنَّ وَزْنَ الشِّعْرِ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ يُنْفَى عَنْهُ وَلِأَجْلِ شُهْرَةِ الشِّعْرِ بِالْكَذِبِ سَمَّى الْمَنْطِقِيُّونَ الْقِيَاسَاتِ الْمُؤَدِّيَةَ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ إِلَى الْبُطْلَانِ وَالْكَذِبِ شِعْرِيَّةً
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ وُجِدَ فِي الْقُرْآنِ مَا وَافَقَ شِعْرًا مَوْزُونًا إِمَّا بَيْتٌ تَامٌّ أَوْ أَبِيَّاتٌ أَوْ مِصْرَاعٌ كَقَوْلِ الْقَائِلِ:
وَقُلْتُ لَمَّا حَاوَلُوا سَلْوَتِي
{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لما توعدون}
وقوله: {وجفون كالجواب وقدور راسيات} قَالُوا هَذَا مِنَ الرَّمَلِ وَكَقَوْلِهِ: {وَمَنْ تَزَكَّى فإنما يتزكى لنفسه} قالوا هو مجزوء مِنَ الْخَفِيفِ وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} قَالُوا هُوَ مِنَ الْمُتَقَارِبِ أَيْ بِإِسْقَاطِ "مَخْرَجًا" وَقَوْلِهِ: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} وَيُشْبِعُونَ حَرَكَةَ الْمِيمِ فَيَبْقَى مِنَ الرَّجَزِ وَحُكِيَ أَنَّ أَبَا نُوَاسٍ ضَمَّنَهُ فَقَالَ:
وَفِتْيَةٍ فِي مَجْلِسٍ وُجُوهُهُمْ
رَيْحَانُهُمْ قَدْ عَدِمُوا التَّثْقِيلَا
دَانِيَةً عَلَيْهِمُو ظِلَالُهَا
{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا}