وَإِمَّا لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إِلَى النَّظْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلا الذين تابوا} هَلْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمَعْطُوفِ وَحْدَهُ أَوْ عَائِدٌ إِلَى الْجَمِيعِ؟
وَإِمَّا لِغُمُوضِ الْمَعْنَى وَوَجَازَةِ النَّظْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فإن الله سميع عليم} وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ
وَأَمَّا الْمُسْتَكْرَهُ فَمَا يُسْتَبْشَعُ إِذَا عُرِضَ عَلَى الْحُجَّةِ وَذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ لَفْظًا عَامًّا فَيَخْتَصُّ ببعض ما يدخل تحته كقوله: {وصالح المؤمنين} فَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَطْ
وَالثَّانِي: أَنْ يُلَفَّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَقَوْلِ مَنْ زَعَمَ تَكْلِيفَ الْحَيَوَانَاتِ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ من أمة إلا خلا فيها نذير} مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أمثالكم} إنهم مكلفون كما نحن
الثالث: مَا اسْتُعِيرَ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عن ساق} فِي حَمْلِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ
الرَّابِعُ: مَا أُشْعِرَ بِاشْتِقَاقٍ بَعِيدٍ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْبَاطِنِيَّةِ فِي الْبَقَرَةِ: إِنَّهُ إِنْسَانٌ يَبْقُرُ عَنْ أَسْرَارِ الْعُلُومِ وَفِي الْهُدْهُدِ إِنَّهُ إِنْسَانٌ مَوْصُوفٌ بِجَوْدَةِ الْبَحْثِ والتنقيب
والأول أكثر ما يروج على المتفقه الذي لَمْ يَتَبَحَّرُوا فِي مَعْرِفَةِ الْأُصُولِ وَالثَّانِي عَلَى الْمُتَكَلِّمِ الْقَاصِرِ فِي مَعْرِفَةِ شَرَائِطِ النَّظْمِ وَالثَّالِثُ عَلَى صَاحِبِ الْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ يَتَهَذَّبْ فِي شَرَائِطِ قَبُولِ الْأَخْبَارِ وَالرَّابِعُ عَلَى الْأَدِيبِ الَّذِي لم يتهذب بشرائط الاستعارات والاشتقاقات