سُمِّيَ الْجَزَاءُ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ سَيِّئَةً وَاعْتِدَاءً فَسُمِّيَ الشَّيْءُ بِاسْمِ سَبَبِهِ وَإِنْ عَبَّرَتِ السَّيِّئَةُ عَمَّا سَاءَ أَيْ أَحْزَنَ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ الْإِسَاءَةَ تُحْزِنُ فِي الْحَقِيقَةِ كالجناية
ومنه: {ومكروا ومكر الله} تَجُوزُ بِلَفْظِ الْمَكْرِ عَنْ عُقُوبَتِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لَهَا
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} إِنَّمَا جُعِلَتِ الْمَرْأَتَانِ لِلتَّذْكِيرِ إِذَا وَقَعَ الضَّلَالُ لَا لِيَقَعَ الضَّلَالُ فَلَمَّا كَانَ الضَّلَالُ سَبَبًا لِلتَّذْكِيرِ أُقِيمَ مَقَامَهُ
وَمِنْهُ إِطْلَاقُ اسْمِ الْكِتَابِ عَلَى الْحِفْظِ أَيِ الْمَكْتُوبِ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ له كقوله تعالى: {سنكتب ما قالوا} أي: سنحفظه حتى نجازيهم عَلَيْهِ
وَمِنْهُ إِطْلَاقُ اسْمِ السَّمْعِ عَلَى الْقَبُولِ كقوله تعالى: {ما كانوا يستطيعون السمع} أَيْ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ قَبُولَ ذَلِكَ وَالْعَمَلَ بِهِ لِأَنَّ قَبُولَ الشَّيْءِ مُرَتَّبٌ عَلَى سَمَاعِهِ ومسبب عنه ويجوز أن يكون نَفْيِ السَّمْعِ لِابْتِغَاءِ فَائِدَتِهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَإِنْ حَلِفَتْ لَا يَنْقُضُ النَّأْيُ عَهْدَهَا
فَلَيْسَ لِمَخْضُوبِ الْبَنَانِ يَمِينُ
أَيْ: وَفَاءُ يَمِينٍ
وَمِنْهُ إِطْلَاقُ الْإِيمَانِ عَلَى مَا نَشَأَ عَنْهُ مِنَ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمانكم} {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} أَيْ: أَفَتَعْلَمُونَ بِبَعْضِ التَّوْرَاةِ وَهُوَ فِدَاءُ الْأَسَارَى وَتَتْرُكُونَ الْعَمَلَ بِبَعْضٍ وَهُوَ قَتْلُ إِخْوَانِهِمْ وَإِخْرَاجُهُمْ من ديارهم