{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ العابدين}
وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ سَبَبًا فِي الْجَزَاءِ وَوَصْلَةً إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أجوركم} أَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ كَقَوْلِهِ: {مَا أَصَابَكَ من حسنة فمن الله} أَوْ كَانَ لَا هَذَا وَلَا ذَاكَ فَلَا يَقَعُ إِلَّا مُجَرَّدَ الدَّلَالَةِ عَلَى اقْتِرَانِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فلن يهتدوا إذا أبدا} إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ سَبَبًا لِلضَّلَالِ وَمُفْضِيَةً إِلَيْهِ وَلَا أَنْ يَكُونَ الضَّلَالُ مُفْضِيًا إِلَى الدَّعْوَةِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لكم أعداء} وَعَلَى هَذَا مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قرح مثله} فَإِنَّ التَّأْوِيلَ: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَمَعَ اعْتِبَارِ قَرْحٍ قَدْ مَسَّهُمْ قَبْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ إِلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ فَإِنْ كَانَ مَاضِيَ اللَّفْظِ كَانَ مُسْتَقْبَلَ الْمَعْنَى كَقَوْلِكَ إن مت على اإسلام دَخَلْتُ الْجَنَّةَ ثُمَّ لِلنُّحَاةِ فِيهِ تَقْدِيرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفِعْلَ يُغَيَّرُ لَفْظًا لَا مَعْنًى فَكَانَ الْأَصْلُ إِنْ تَمُتْ مُسْلِمًا تَدْخُلِ الْجَنَّةَ فَغَيَّرَ لَفْظَ الْمُضَارِعِ إِلَى الْمَاضِي تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُحَقَّقِ
وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَغَيُّرُ مَعْنًى وَإِنَّ حَرْفَ الشَّرْطِ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَلَبَ مَعْنَاهُ إِلَى الِاسْتِقْبَالِ وَبَقِيَ لَفْظُهُ عَلَى حَالِهِ