وَأَقْوَاهَا دَلَالَةً عَلَى الشَّرْطِ دَلَالَةُ "إِنْ" لِبَسَاطَتِهَا وَلِهَذَا كَانَتْ أُمَّ الْبَابِ
وَمَا سِوَاهَا فَمُرَكَّبٌ مِنْ مَعْنَى "إِنْ" وَزِيَادَةٍ مَعَهُ فَمَنْ مَعْنَاهُ كُلٌّ فِي حُكْمِ إِنْ وَمَا مَعْنَاهُ كُلُّ شيء إن وأينما وحيثما يدلان على المكان وعلى إن وإذ ما ومتى يَدُلَّانِ عَلَى الشَّرْطِ وَالزَّمَانِ
وَقَدْ تَدْخُلُ "مَا" عَلَى "إِنْ" وَهِيَ أَبْلَغُ فِي الشَّرْطِ مِنْ "إن" ولذلك تتلقى بِالنُّونِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْمُضَارِعُ نَحْوُ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ من قوم خيانة فانبذ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كلاهما}
وَمِمَّا ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ "إِذَا" وَهِيَ كَـ "إِنْ" وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ "إِنْ" تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُحْتَمَلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَلِهَذَا يَقْبُحُ: إِنِ احْمَرَّ الْبُسْرُ كَانَ كَذَا وَإِنِ انْتَصَفَ النَّهَارُ آتِكَ وَتَكُونُ "إِذَا" لِلْجَزْمِ فَوُقُوعُهُ إِمَّا تَحْقِيقًا نَحْوُ: إذا أطلعت الشمس كان كذا أو اعتبارا كنا سَنَذْكُرُهُ
قَالَ ابْنُ الضَّائِعِ: وَلِذَلِكَ إِذَا قِيلَ: "إِذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ فَأَنْتِ طَالِقٍ" وَقَعَ الطَّلَاقُ في الحال عند مالك لأنه شيء لابد مِنْهُ وَإِنَّمَا يُتَوَقَّفُ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِمَا
وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ "إِنْ" فِي مَقَامِ الْجَزْمِ لِأَسْبَابٍ:
مِنْهَا: أَنْ تَأْتِيَ عَلَى طَرِيقَةِ وَضْعِ الشُّرْطِيِّ الْمُتَّصِلِ الَّذِي يُوضَعُ شَرْطُهُ تَقْدِيرًا لِتَبْيِينِ