وقوله: {سفها بغير علم} وَالسَّفَهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ جَهْلٍ وَقِيلَ: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} بِمِقْدَارِ قُبْحِهِ وَقَوْلِهِ: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بغير الحق} وَلَا يَكُونُ قَتْلُهُمْ إِلَّا كَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ فِي اعْتِقَادِهِمْ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِصِفَةِ فِعْلِهِمُ الْقَبِيحِ أَبْلَغُ فِي ذَمِّهِمْ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ لَازِمَةً لِلْفِعْلِ كَمَا فِي عَكْسِهِ: {قال رب احكم بالحق} لِزِيَادَةِ مَعْنًى فِي التَّصْرِيحِ بِالصِّفَةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِأَنَّ قَتْلَ النَّبِيِّ قَدْ يَكُونُ بِحَقٍّ كَقَتْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَدَهُ وَلَوْ وُجِدَ لَكَانَ بِحَقٍّ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنَّمَا قَيَّدَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوا وَلَمْ يُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَإِلَّا اسْتَوْجَبُوا الْقَتْلَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ شُبْهَةً
وَإِنَّمَا نَصَحُوهُمْ وَدَعَوْهُمْ إِلَى مَا يَنْفَعُهُمْ فَقَتَلُوهُمْ وَلَوْ أَنْصَفُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا وَجْهًا يُوجِبُ عِنْدَهُمُ الْقَتْلَ
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جدال في الحج} مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ أَيْضًا لَكِنْ خُصِّصَ بِالذِّكْرِ هُنَا لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ وَخَطَرِهِ فِي الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ لَمْ يَجُزْ فِي الْحَجِّ كَيْفَ وَهُوَ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَلَمْ يُذْكَرْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الليل} لِأَنَّ الرِّيَاءَ يَقَعُ فِي الْحَجِّ كَثِيرًا فَاعْتَنَى فِيهِ بِالْأَمْرِ بِالْإِخْلَاصِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} وَاتِّبَاعُ الْهَوَى لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ