لكم} فِي أَنَّهُ لَفْظٌ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ لِأَنَّ {النَّاسَ} فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ لَمَا انْتَظَمَ قَوْلُهُ بَعْدَهُ: {إِنَّ النَّاسَ} فَعَلَى هَذَا هُوَ عِنْدَهُ مُطَابِقٌ لِعِدَّةِ الْمُسْتَطِيعِينَ فِي كَمِّيَّتِهِمْ وَهُمْ بَعْضُ النَّاسِ لَا جَمِيعُهُمْ
وَالصَّحِيحُ مَا صَارَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّ بَابَ الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِي بَيَانٌ لَيْسَ فِي الْأَوَّلِ بِأَنْ يُذْكَرَ الْخَاصُّ بَعْدَ الْعَامِّ مُبَيِّنًا وَمُوَضِّحًا
وَلَا بُدَّ فِي إِبْدَالِ الْبَعْضِ مِنْ ضَمِيرٍ كَقَوْلِهِ: {وَلَوْلَا دَفْعُ الله الناس بعضهم ببعض} {ويجعل الخبيث بعضه على بعض}
وَقَدْ يُحْذَفُ لِدَلِيلٍ كَقَوْلِهِ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حج البيت من استطاع} " مِنْهُمْ " وَهُوَ مُرَادٌ بِدَلِيلِ ظُهُورِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ من آمن منهم} فَـ {مَنْ آمَنَ} بَدَلٌ مِنْ {أَهْلِهِ} وَهُمْ بَعْضُهُمْ
وَقَدْ يَأْتِي الْبَدَلُ لِنَقْلِ الْحُكْمِ عَنْ مبدله نحو: جاء القوم أكثرهم وأعجبني زَيْدٌ ثَوْبُهُ وَقَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: وَلَا يَصِحُّ "غِلْمَانُهُ "
وَعَدَلَ عَنِ الْبَدَلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يعقلون} لِأَنَّهُ أُرِيدَ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ كُلِّهِمْ فِي الْحَالِ الثاني وهو {ولو أنهم صبروا} فَلَوْ أُبْدِلَ لَأَوْهَمَ بِخِلَافِ " إِنَّكَ أَنْ تَقُومَ خَيْرٌ لَكَ " الْبَدَلُ أَرْجَحُ
وَالْبَدَلُ فِي تَقْدِيرِ تَكْرِيرِ الْعَامِلِ وَلَيْسَ كَالصِّفَةِ وَلَكِنَّهُ فِي تَقْدِيرِ جُمْلَتَيْنِ بِدَلِيلِ تَكْرِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ