قَدْ أروى بَشَرَتَهُ، أفاضَ عليهِ الماءَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثم غسلَ سائرَ جسده (1).
وقال - صلى الله عليه وسلم - لأمِّ سَلَمَةَ لَمّا قالَتْ: يا رسولَ الله! إني امرأةٌ أَشدُّ ضَفْرَ رَأْسي، أَفَأَنْقُضُهُ لغسلِ الجنابة؟ فقال: "لا، وإنَّما يكفيكِ أن تَحْثي على رأسِكِ الماءَ ثلاثَ حَثَياتٍ، ثم تُفيضي عليكِ الماءَ، فإذا أنتِ قَدْ طَهُرْتِ" (2).
وليسَ بينَ الحديثينِ اختلافٌ، فحديثُ عائشةَ في بيانِ الأفضلِ، وحديثُ أمِّ سلمةَ في بيانِ الواجبِ.
وقد تقدَّمَ الكلامُ على الجَنابَةِ وحَدِّ المرضِ والسَّفَر، وبيانِ المُلامَسَةِ، وبيانِ الصَّعيدِ، وغيرِ ذلكَ من المباحِثِ النفيسةِ في "سورةِ النساء".
* وبيَّنَ اللهُ سُبْحانه هُنا، وفي "سور النِّساءِ" صِفَةَ التيمُّمِ فقال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} المائدة: 6.
* وقد قدمتُ قريبًا بيانَ الوَجْهِ، وأنه مشتقٌّ من المُواجَهَةِ.
* وأما اليدُ فتقعُ لغةً على الكَفِّ معَ الساعدِ، وتقعُ عليهما مع العَضُدِ.
ولأجلِ هذا الاشتراكِ وقعَ الاختلافُ بينَ أهلِ العلم.
فحملَ كثيرٌ منهمْ مُطْلَقَ اليَدِ على المُقَيَّدِ في الوضوء.
واستدلُّوا بحديثِ ابنِ الصِّمَّةِ -رضيَ اللهُ تعالى عنه- قال: مررتُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبولُ، فمسح بجدارٍ، ثم يَمَّمَ وجْهَهُ وذِراعيه (3).