مسجدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو مشركٌ عندَ إقبالِه لتجديدِ العهدِ حينَ خَشِيَ نَقْضَهُ بما أَحْدَثَهُ بنو بكرٍ على خُزاعَه (1).
ورُوي أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنزلَ وَفْدَ ثَقيفٍ في المَسْجِدِ، فقيلَ: إنَّما هم قَوْمٌ أنجاسٌ، فقال: "ليسَ على وَجْهِ الأَرْضِ منْ أَنْجاسِ الناسِ شيءٌ, إنما أنجاسُهم على أَنْفُسِهِمْ" (2).
والحقُّ أن مَنْعَهُمْ ذلكَ لتشريفِ البُقْعَةِ الطَّاهِرَة مِنَ النَّجَسِ مَعْنَّى؛ لأنهُ أعظمُ مَفْسَدَةً من النَّجَسِ حِسًّا, ولم يأمُرِ اللهُ سبحانَهُ بتطهير المَسْجِدِ الحَرام الذي هو المُرادُ في هذهِ الآيةِ، وهو الحَرَمُ، منَ النجاسَةِ الحِسّيَّةِ أبدًا.
وقد بَيَّنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صِفَةَ هذا التَّنْزيهِ فيما بَعَثَ بهِ عَلِيًّا -رضي الله تعالى عنه- ليبلغ عنهُ: ألا يَحُجُّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يَطوفُ بالبيتِ عُرْيانُ (3).
وجَوَّزَ أبو حنيفةَ للذِّمِّيِّ دُخولَ المَسْجِدِ الحَرامِ، حتى الكعبةِ (4).
واستدلَّ بحديثِ ثُمامَةَ بنِ أُثالِ، ووَفْدِ ثَقيفِ، وخَصَّصَ الآيةَ بمُشْركي العَرَبِ؛ لأنه لا يُقْبَلُ منهم إلا الإِسلامُ، أو السيفُ.
وتَخْصيصُهُ تَحَكُّمٌ لا دليلَ عليه؛ لأن اللهَ سبحانَهُ شَرَعَ ذلكَ تَنْزيهًا