وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} المائدة: 38.
* وللقياس أمورٌ تفسدهُ، وأمورٌ أخرى تعارِضُه، كما في الألفاظِ، وقد ذكرها أهلُ العلمِ بِصَنْعَةِ القياسِ.
وعلى الجملة، فهو ميزانُ العقولِ، ومَيْدانُ الفُحولِ.
قال أبو عبدِ الله الشافعيُّ: ولا يقيسُ إلَّا من جمعَ الآلةَ التي لهُ القياسُ بها، وهي العلمُ بأحكامِ كتابِ الله تعالى: فرضِه، وآدابِه، وناسخِه، ومنسوخِه، وعامِّه، وخاصِّه، وإرشادِه.
ويستدلُّ على ما احتملَ التأويلَ منه بسننِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن (1) لم يجدْ سنَّةً، فبإجماعِ المسلمينَ، فإن لم يمكنْ إجماع، فبالقياسِ.
ولا يكونُ لأحدٍ أن يقيسَ حتى يكونَ عالِمًا بما مضى قبلَهُ من السُّنَنِ، وأقاويلِ السَّلَفِ، وإجماعِ الناسِ واختلافِهم، ولسانِ العرب.
ولا يكونُ له أن يقيسَ حتى يكونَ صحيحَ العقلِ، وحتى يفرِّق بينَ المُشْتَبهِ، ولا يَعْجَل بالقولِ به دونَ التثبُّتِ، ولا يمتنعَ من الاستماعِ ممَّن خالفَه؛ لأنه قد يلقنه بالاستماع لترك الغفلةِ، ويزدادَ به (2) تثَبُّتًا فيما اعتقدَ منَ الصواب. وعليهِ في ذلك بلوغُ جهدهِ، والإنصافُ من نفسِه حتى يعرفَ مِنْ أينَ قالَ ما يقول، وتركَ ما يترك. ولا يكونَ بما قالَ أعنى منه بما خالفَهُ حتى يعرفَ فضلَ ما يصيرُ إليه على ما يُتركُ إنْ شاءَ الله تعالى.
قال: فأمَّا مَنْ تَمَّ عقلُهُ، ولم يكنْ عالِمًا بما وَصَفْنا، فلا يَحِلُّ له أن يقولَ