على أن المراد بآية البقرة: المطلقاتُ المدخولُ بهنَّ.
وما قاله هذا القائل لا يستقيمُ إلا على قولِ بعض الأصوليين: إن أول الآية يُخَصُّ بآخرها، وقد بينتُ ذلك في مقدمة كتابي هذا.
وقال الله سبحانه: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق: 4 فيُخصّ بها عمومُ آيةِ البقرةِ.
- * وأمّا الخالياتُ عن (1) الحيضِ؛ لصغر، ومن انقطع دمُها لإياسٍ، فقال الله سبحانه فيهنَّ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} الطلاق: 4.
فمنهم من قال: يُخَصُّ بها عموم آية البقرة؛ فإنها عامَّة فيهن.
- وقال بعضهم: إن آيةَ البقرة لا تتناولُهنَّ؛ لأن اللهَ سبحانه أمرَ المطلقاتِ في سورة البقرةِ أن يتربَّصْنَ بالأقراء، وهي مفقودةٌ منْ هؤلاءِ، فدل على أنهنَّ لم يُرَدْنَ (2).
وهذا القولُ حسن وصواب إنْ شاءَ اللهُ تعالى؛ لأن ذلك ليسَ في استطاعتهنَّ عادةً، ولا فِعْلاً، حتى يؤمرْنَ به، فلا نزاع في هذا، والله أعلم.
* وأما التي انقطع دمها.
فإن كانَ لعارضٍ معروفٍ كرَضاعٍ أو مرضٍ، تَرَبَّصَتْ عَوْدَه، واعتدَّتْ بالأقراء؛ لعمومِ قولهِ تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة: 228، ولمفهومِ قوله سبحانه: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} الطلاق: 4، وروي ذلكَ عن عثمانَ وعليٍّ وزيدِ بنِ ثابتٍ وابنِ مسعودٍ