"وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند، فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله في المسند، وأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره بخلاف ما إذا ذكر سببًا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند".
ويفهم من هذا أن البخاري رحمه الله لا يفرق بين التصريح بالسبب وعدمه ويكتفي بظاهر العبارة والله أعلم.
ومن متعلقات الموضوع ما قاله السيوطي في "تدريب الراوي"1 في هذا المبحث:
"ما ذكروه من أن سبب النزول مرفوع، قال شيخ الإسلام: يعكر على إطلاقه ما إذا أسقط الراوي السبب: كما في حديث زيد بن ثابت أن الوسطى الظهر، نقلته من خطه".
هذا وقد كان الصحابة يطلبون علم ذلك ويبحثون عنه:
روى الإمام البخاري عن ابن عباس قال: "مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجًّا فخرجت معه، فلما رجعت وكنا ببعض الطريق، عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه فقلت له: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه؟
فقال: تلك حفصة وعائشة، قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به
... "2. وإضافة إلى ذلك كانوا يفخرون بهذا