ولأبي عبيد عن الحسن رحمه الله قال: قُرَّاء القرآن ثلاثة أصناف:
صنف اتخذوه بضاعة ياكلون به.
وصنف أقاموا حروفه، وضيعوا حدوده، واستطالوا به على أهل بلادهم
واسْتَدَروا به الولاة، كثُر هذا الضرب من حملة القرآن، لا كَثَّرهَم الله.
وصنف عمدوا إلى دواء القرآن، فوضعوه على داء قلوبهم، فركدوا به
في محاريبهم، وخَفُوا به في بَرانِسهم، واستشعروا الخوف وارْتَدَوُا الحزن.
فأولئك الذين يُسقى بهم الغيثُ، ويُنْصَر بهم على الأعداء، والله لَهَذَا الضًرْبُ في حملة القرآن، أعز من الكبريت الأحمر.
ولأبي داود، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبي عبيد، عن
سهل ابن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقترىء القرآن: يقرىء بعضنا بعضا، فقال: الحمد للهِ، كتاب الله واحد وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرأوه قبل أن يقرأه، قوم يقيمونه كما يقوَّم السهم، يتعجلونه ولا يتأجلونه.
ولفظ ابن أبي شيبة: يقيمون حروف القرآن، كما يُقام السهم، لا يجاوز
تراقِيَهم، يتعجلون ثوابه، ولا يتأجلونه.
ولفظ عبد: فقال: الحمد للهِ، كتاب الله واحد، وفيكم الأخيار.
وفيكم الأحمر والأسود، ثم قال: اقرأوا، اقرأوا، اقرأوا، قبل أن يأتي قوم
يقيمون حروفه كما يقام السهم، لا يجاوز تَرَاقِيَهم، يتعجلون أجره، ولا
يتأجلونه.