وَقَد عَدَّ الحروف سبعاً، فلما سَبَّب عنها قوله: "فأحل حلاله" إلى آخره.
جعلها خمساً، فأسقط الأمر والنهي، لدخولهما في الحلال والحرام.
وذلك موافق لما رواه البيهقي في فضل القرآن من "الشُعب" عن أبي
هريرة رضي الله عنه بلفظ: نزل القرآن على خمسة أوجه: حلال وحرام.
ومحكم ومتشابه، وأمثال.
والمراد - والله أعلم - بالباب: الحسي. وبالحرف الواحد من الكتاب
الأول: اللغة التي هي الروايات في الألفاظ.
فتصير خاصة القرآن في هذا الحديث: نزوله من سبعة أبواب من
أبواب السماء. والمراد بالحروف التي فُصِّل إليها القرآن في هذا الحديث:
الوجوه المذكورة.
والمراد بها في الأحاديث الآتية: اللغات التي خص القرآن من بين
الكتب السالفة بجواز القراءة بها، على أنها (قراءة) ، لا ترجمة وتفسير.
تنبيها على عموم الدعوة، وشرف اللغة التي نزل بها واتساعها، والتخفيف
على أهلها.
قال الإِمام أبو جعفر بن جرير في مقدمة التفسير: كل كتاب تقدم نزوله
كتابنا فإنما نزل بلسان واحد، متى حُوِّل إلى غيره، كان ترجمة له وتفسيراً لا
تلاوة، وكتابنا أنزل بألسن سبعة، بأى واحد منها تلاه التالي، كان تالياً له
على ما أنزل الله، ولا يصير مترجماً له ولا مفسراً، حتى يتحول عن جميع
تلك الألسن السبعة إلى غيرها.
فهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: كان الكتاب الأول ينزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف.