عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه من الكوفة، اجتمع إليه أصحابه، فودعهم
ثم قال: لا تنازعوا في القرآن، فإنه لا يختلف، ولا يتلاشى، ولا يتغير لكثرة
الرد، وإن شريعة الإِسلام واحدة، وحدوده وفرائضه فيه واحدة، لو كان
شيء من الحرفين ينهي عن شيء مما أمر به الآخر، لكان ذلك الاختلاف.
ولكنه جامع ذلك كله، لا تختلف فيه الحدود ولا الفرائض، ولا شيء من
شرائع الإسلام، ولقد رأيتنا نتنازع فيه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأمرنا فنقرأ عليه، فيخبرنا أنا كلنا محسن. ولو أعلم أحداً أعلم بما أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني لطلبته حتى أزداد علْمَهُ (إلى) علمي، ولقد قرأت من لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورة، وقد كنت علمت أنه يعرض عليه القرآن في كل
رمضان، حتى كان عام قبض، فعرض عليه مرتين، فكان إذا فرغ أقرأ عليه، فيخبرني أني محسن، فمن قرأ على قراءتي فلا يدعها رغبة عنها، ومن قرأ على شيء من هذه الحروف، فلا يدعنَّهُ رغبة عنه، فإنه من جحد بآية - وفي
رواية: بحرف منه - جحد به كله.
ورواه الطبراني عن عبد الرحمن بن عابس، حدثنا رجل من همذان.
من أصحاب عبد الله - وما سماه لنا - قال: لما أراد عبد الله أن يأتي المدينة.
جمع أصحابه فقال: والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح فيكم من الفضل
ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والفقه، والعلم بالقرآن. إن هذا
القرآن لا يختلف، ولا يستشنأ ولا ينفذ لكثرة الرد، فمن قرأ على حرف، فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه، يجحد به كله، فإنما هو كقول
أحدكم لصاحبه: أعجل وحيهلا (1) .