ومن ههنا نشأ قول من قال:
فكل إنسان سوى ما استدركوا. . . يؤخذ من كلامه ويترك
الأمر الرابع: أن نقل القصص والأخبار من التوراة وغيرها، قد شاع
بين الناس شيوعا لاخفاء فيه، فقد حل محل الِإجماع السكوتي.
ولهذا وقع كثيرا في كتب السلف بلا إنكار عليه، كما وقع في هذا
العصر في هذا التأليف المسمى ب "نظم الدرر من تناسب الآي والسور". على ما حررنا فيما مر.
فإنْ قلت: فكيف تقبل هذه الدعوى منك ههنا، وقد ذكر في بعض
علم الكلام: أن الكتب السماوية قد نسخت تلاوتها وكتابتها؟.
قلت: لا استبعاد ههنا على ما ذكرنا فيما قبل من التفصيل والتحرير.
فيحمل ما ذكرنا ههنا على نسخ كتابة التوراة الدالة على الأحكام المناقضة
لأحكام شريعتنا لا على نسخ كتابة التوراة الخالية عن الدلالة عليها.
فحصل الجمع بينهما على ما ترى.
وأنت تعلم: أن العمدة والمدار في أمثال هذا، إنما هو قول الفقهاء
والمحققين، لا قول المتكلمين، لما تقرر: أن صاحب البيت أدرى بما فيه.
كما تعلم أن نسخ الوجوب، لا يستلزم نسخ الجواز، كصوم عاشوراء، فإنه جائز شرعاً وإن نسخ وجوبه.
وتعلم أيضاً: أن المثبت أولى من النافي.
الأمر الخامس: أن هذا الكتاب "نظم الدرر" كتاب عظيم الشأن،