بدائع الآيات، محتوياً على فنون (من) الحجج والبينات، وهو - مع وجازة
لفظه - حاوٍ لمنتخب كل مديد وبسيط، جامع لخلاصة كل وجيز ووسيط.
مطلع على زبدة مطالب هي نتائج أنظار المتقدمين، مظهر لنخب مباحث.
هي أبكار أفكار المتأخرين، فهو بحر محيط بغرر درر الدقائق، وكنز أودع فيه نقود الحقائق، ألفاظه معادن جواهر المطالب الشرعية، وحروفه أكمام أزاهير النكات اللفظية، ففي كل لفظ منه روض من المنى، وفي كل شطر منه عقد من الدرر.
فلله در مؤلفه، قد أبرز ذخائر العلوم والمعارف، وافتلذ الأناسي من
عيون اللطائف، وسلك منهاجاً بديعاً في كشف أسرار التحقيق، واستولى على الأمد الأقصى من دفع منار التدقيق، أظهر غرائب مناسبات، ما مستها أيدي الأفكار وعجائب نكات، ما فتق رتقها أذهان أولى الأبصار.
فجزاه الله أفضل الجزاء، وجعل له في الدارين أطيب الثناء.
وكُتب في عاشر شوال، سنة ثمان وستين وثمانمائة.
وما كان لي غرض قبل ذلك في عرض الكتاب على أحد، فلما تكلم
فيه الحاسدون عرضته هذا العرض، فشهر - ولله الحمد - أمره، وفشا في
الفضلاء شأنه وذكره وحمدت عاقبته، وشرح صدره، فكان كما قيل:
وإذا أرد الله نشر فضيلة طويت. . . أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في جزل الغضا. . . ما كان يعرف طيب عَرْفِ العود
ثم أظهرت ما كتب لي من قبلهم من العلماء على مصنفاتي، وغيرهم
من مدة من السنين، يزيد بعضها على الأربعين.
على أني كنت قليل الاعتناء بأخذ خطوط المشايخ، وكان أصحابي