ولعل خصوصية البقرة بذلك، من أجل قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ) .
فإن ظهور مجد الله سبحانه بني إسرائيل على الطور، كان في ظلل الغمام والنار، ولذلك تليت الآية بقوله تعالى: (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) .
ولأبي عبيد في الغريب والفضائل، عن عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه أنه قال: جَردوا القرآن، ليَرْبُوَ فيه صغيركم، ولا ينأى عنه كبيركم، فإن الشيطان يخرج من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
وفي رواية الفضائل: يفر من البيت الذي يسمع فيه سورة البقرة.
ثم ذكر أبو عبيد اختلاف الناس في معناه، فقيل: جرّدوه من النقط
والفواتح والتعشير ونحوه. ولا تخلطوا به غيره.
وروى: أن رجلا قرأ عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال: أستعيذ
بالله من الشيطان الرجيم. فقال عبد الله: جَرِّدُوا القرآن.
وقيل: بل المعنى: أن يتعلم وحده، وتُتْرَكَ الأحاديث.
ثم رد أبو عبيد هذا، بأن فيه إبطالَ السنن، وبأن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه حين وجه الناس إلى العراق قال: جردوا القرآن، وأقِلُّوا
الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا شريككم.