نقصاناً، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: هو عمل الشيطان فارصده، فرصدته ليلاً، فلما ذهب هَوِي من الليل أقبل على صورة الفيل، فلما انتهى إلى الباب، دخل من خلل الباب على صورته، فدنا من التمر فجعل يلتقم، فشددت عليَّ ثيابي فتوسطته، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، يا عدو الله وَثَبْتَ إلى تمر الصدقة فأخذته، وكانوا أحق به منك، لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفضحك، فعاهدني أن لا يعود، فغدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لي: ما فعل أسيرك؟.
فقلت: عاهدني أن لا يعود. قال: إنه عائد فارصده، فرصدته الليلة الثانية فصنع مثل ذلك، فصنعت مثل ذلك، وعاهدني ألا يعود، فخلًيْتُ سبيله، ثم غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأخيرة فإذا مناديه ينادي: أين معاذ؟. فقال لي: يا معاذ ما فعل أسيرك؟. فأخبرته، فقال لي: إنه عائد فارصده فرصدته الليلة الثالثة، فصنع مثل ذلك، وصنعت مثل ذلك. فقلت: يا عدو الله، عاهدتني مرتين وهذه الثالثة، لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفضحك. فقال: إني شيطان ذو عيال.
وما أتيتك إلا من نصيبين، ولو أصبت شيئاً دونه ما أتيتك، ولقد كنا في
مدينتكم هذه، حتى بعث صاحبكم، فلما نزلت عليه آيتان، أنفرتنا منها.
فوقعنا بنصيبين، ولا يقرآن في بيت، إلا لم يلج فيه الشيطان ثلاثا، فإن
خليت سبيلي علمتكهما؟.
قلت، نعم، قال: آية الكرسي وخاتمة سورة البقرة، "آمن الرسول" إلى آخرها، فخليت سبيله، فغدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لأخبره، فإذا مناديه ينادي: أين معاذ بن جبل؟.
فلما دخلت عليه قال لي: ما فعل أسيرك؟.
قلت: عاهدني ألا يعود، وأخبرته بما قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق الخبيث وهو كذوب.
قال: فكنت أقرؤهما عليه بعد ذلك، فلا أجد فيه نقصانا.