"سراج المريدين ": ارتباط آي القرآن العظيم، بعضها ببعض، حتى تكون
كالكلمة الواحدة، منسقة المعاني منتظمة المباني، علم عظيم، لم يتعرض له إلا
عالم واحد، عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله عز وجل لنا فيه، فلما لم نجد
له حَمَلة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة، ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين
الله، رددناه إليه.
ومما يصلح إيراده في هذا المضمار، مما يلي من الأشعار، ما قلته في سنة
خمسين وثمانمائة، وكنت مرابطاً في ثغر دمياط، فتأملت يوماً أحوالي وأحوال
الحسدة، فوجدتها في غاية البعد عن مواقع حسدهم، فإن طلبي غير ما
يطلبونه، فلم نتزاحم على مقصد من المقاصد، فأنشدت تعجبي من أمرهم.
فقلت من الطويل الثالث، والقافية متواتر مصمت، مطلق، مرادف:
ألا رب شخص قد غدا لي حاسدا. . . يرجّى مماتي وهو مثلى فان
ويا ليت شعري إن أمت ما يناله. . . وماذا عليه لو أطيل زماني
عدوى قاصٍ عنه ظلمى آمن. . . من الجور، داني النفع حيث رجاني
وهل لي تراث غير قوس أعدها. . . لحرب ذوي كفر، وغير يماني
وما يبتغي الحساد مني وإنني. . . لفي شغل عنهم بأعظم شاني
أنكب نفسي عن مخوّف يومها. . . لعلي أن أحظى بنيل أماني
نعم إنني عما قريب لميت. . . ومن ذا الذي يبقى على الحدثان