وقد تقدم عن ابن عباس، على أن الحلال إذا حلق رأس المحرم لا شيء عليه لأن الخطاب مع المحرمين.
قوله تعال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} .
فيه لإباحة الحلق لعذر وأن فيه حينئذ فدية، وأنها مخيرة إما الصوم أو الإطعام أو الدم وقدروا قبل {فَفِدْيَةٌ}
فحلق وأحسن منه أن يقدر ففعل ما حرم عليه في الإحرام كما أخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس في قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}
قال: وإذا أهل الرجل بالحج فأحصر بعث بما استيسر من الهدي فإن تعجل قبل أن يبلغ الهدي محله فحلق رأسه أو مس طيباً أو تداوى بدواء كان عليه فدية من طعام أو صدقة أو نسك والصيام ثلاثة أيام والصدقة ثلاثة آصع على ستة مساكين كل مسكين نصف صاع والنسك شاة إسنادة صحيح، وقال الكيا: قوله: {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}
يفيد أنه لو كان به قروح في رأسه أو جراح واحتاج إلى شدة وتغطيته كان حكمه في الفدية حكم الحلق. وكذلك المرض الذي يحوجه إلى لبس الثياب لأنه تعالى لم يخصص شيئاً من ذلك فهو عموم في الكل، قال ابن الفرس: وظاهر الآية لا يقتضي تخصيص هذه بموضع، فيحمل على عمومها في المواضع كلها وهو مذهب مالك.
قوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ}
الآية استدل بها من أباح التمتع للمحصر خاصة لقوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ}
الآية ومن أباح التمتع مطلقاً قال عمرتن بن حصين أنزلت آية المتعة في كتاب الله وفعلناها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء يعني عمر أخرجه البخاري ومسلم. واستدل بها من أوجب على المحصر بعد زوال الإحصار حجاً وعمرة فإن جمع بينهما في أشهر فعليه دم وهو متمتع، وإلا فلا. وفي الآية أن صورة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يحج من عامة قال ابن عباس قوله: فمن تمتع، يقول: فمن أحرم بالعمرة في أشهر الحج، أخرجه ابن أبي حاتم، وفيها أن عليه دماً فإن لم يجده صام عشرة أيام وأنه يجب تفريقها ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع فينذب الإحرام بالحج قبل يوم النحر بثلاثة أيام، واختلف في المراد بقوله: رجعتم، فقيل إلى أوطانكم وقيل من مِنى, وقوله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
قال ابو حنيفة: الإشارة بذلك إلى التمتع فليس للمكي أن يستمتع فمتى فعله أخطأ وعليه دم، وقال الشافعي رحمه الله إلى وجوب الدم فلا دم على المكي وله التمتع وقال أبو حنيفة لو كان راجعاً إليه لقال: ذلك على من، واختلف هل المراد بالمكي حاضر مكة ولو كان غريباً أو شرطه الاستيطان على وجهين عندنا مستند