وقيل المحكم ما كان معقول المعنى، والمتشابه بخلافه كأعداد الصلوات واختصاص الصيام برمضان دون شعبان.
وقيل: المحكم ما استقل بنفسه، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه إلا بردّه إلى غيره.
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال: الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام محكمات:: (قل تَعَالَوْا) ، والآيتان بعدها.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس في قوله تعالى: (فيه آيات
محْكَمَات) .
قال: من هاهنا: (قل تَعَالَوْا) إلى ثلاث آيات.
من هاهنا: (وقضى ربك ألاَّ تعبدوا إلاّ إياه) ، إلى ثلاث آيات بعدها.
قال ابن أبي حاتم: وقد روي عن عكرمة وقتادة وغيرهما أن المحكم الذي
يعمل به، والمتشابه الذي يؤمن به ولا يعمل به.
واختلف أيضاً هل المتشابه مما يمكن الاطلاع على علمه أو لا يعلمه إلا الله
على قولين، منشؤهما الاختلاف في قوله تعالى: (والرَّاسِخُونَ في العلم يقولون) ، هل هو معطوف ويقولون حال، أو مبتدأ خبره يقولون
والواو للاستئناف.
وعلى الأول طائفة يسيرة، منهم مجاهد وهو رَاوِيهِ عن ابن
عباس: فأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) - قال: أنا ممن يعلمُ تأويله.
وأخرج عبيد بن حميد عن مجاهد في قوله: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) - قال: يعلمون تأويله
... ويقولون آمنّا له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الراسخون في العلم يعلمون تأويله.
ولو لم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخه من منسوخه، ولا حلاله من حرامه، ولا محكمه من متشابهه.
واختار هذا القول النووي، فقال في شرح مسم: إنه الأصح، لأنه يَبْعُدُ أن
يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.