(ولا فسوقَ) ، وهي المعاصي، إذْ علامةُ قبول الحج ترك المعاصي، ولا جزاء له إلا الجنة، كما صح.
(فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) ، لأن الإنسان كثيراً ما يذكر أباه.
والعارفُ يذكر الله أكثر، لأنه مخترعه وخالِقه كيف شاء، ورازِقه من أين شاء، وممِيته متى شاء، ويحييه إذا شاء، فكيف يغفل عمن هذه صفته، وقد دعا الْخَلق إلى نفسه، فالسابق منهم همّه اسمه، فدعاه بلفظ الرب، وقال: (وأنِيبوا إلى رَبِّكم) .
(فَفِرّوا إلى الله) .
والمقتصد منهم همه الرزق، فدعاه بقوله: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) ، وقال: (يرزق مَنْ يشاء بغير حساب) .
والظالم همه غفران ذنوبه، فدعاه بقوله: (وسارِعوا إلى مغفرةٍ مِنْ رَبِّكم) .
فعلى كل حال العبد لا يغفل عن سيده.
ولما كانت العرب تذكر أباها كثيراً مفاخرة عند الجمرة أمر الله بذكره
عوضاً عن ذلك، لأنه الضارُّ النافع.
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكم) :
التجارة في أيام الحج أباحها الله لعباده، ولا يضر نيتها، ولا تفسد العبادة بها خلافاً لبعض الصوفية.
والصحيح أن النيةَ الصحيحة تقلِب القبيح حسناً، والحسن قبيحاً.
وتشريك النية الصالحة جائزة، بل مطلوبة في الأفعال، ورضي الله عن السيد الذي دق عليه، فقال لبعض التلامذة: قمْ حلّ له الباب.
فقام، فقال بعد رجوعه: بأي نيّةٍ قمْتَ له.
فقال: نيًة فتْح الباب.
فقال: هلاّ نوَيْت قضاء حاجته إن احتاج، والسلام عليه ومصافحته، وصار يعدد له سبْعَ نيات.
هكذا كانوا رضي الله عنهم يشركون أفعالهم لتضعيف حسناتهم، ونحن بالضدّ مِنْ هذا، فليس لنا نية ألبتَّة.
فلا تتحرك أيها الأخ حركةً إلا للَه تكثراً بنيتك، كلبْثِك بالمسجد بغية