فتأمَّل أيها الأخ صُنْع الله في هذا المؤمن، حيث جعل له داخل ضميره شمساً
ساكناً في وسط الأحشاء أضْوَأ من الشمس اللامعة، حتى جاز الهوى، وملَك
طريق السماء، فلم يسكن على شيء دون الرّبّ جَلّ جلالُه، فصار حاله في الضمير كعود نصِب له في الأرض، فإذا اتَّصل بالأرض، والأرض به، نبتت المعرفة به، فصارت نزهةً للعارفين، ثم الشهادة عطاء المحبين، ثم المحبة على السابقين.
(فمن تَعَجَّلَ في يومين فلا إثْمَ عليه) :
قد قدمنا أنَّ هذه الآية أباحت التعجّل والتأخر.
وقيل: إنه إخبار عن غفْران الإثم، وهو الذنب للحاجِّ، سواء تعجّل أو تأخر.
وعلى الأول فيكون (لمن اتَّقَى) أنْ يَأثَم في التعجُّل والمتأخر لا إثم عليه.
وعلى الثاني أنَّ الغفران إنما هو (لمن اتَّقَى) الله في حَجِّه.
للحديث: "مَنْ حَجّ هذا البيت فلم يَرْفُث ولم يفسق خرج من ذُنوبه كيوم ولدَتْه أمه".
فاللام متعلقة إما بالغفران أو بالإباحة المفهومَيْن من الآية.
(فحَسبه جَهَنَّم) :
الضمير يعود على مَنْ لا يطيع من يأمره بالتقوى تكبراً وطغْياناً، وهو الذي يُقال له: اتَّق الله، فتأخذه العزَّةُ بالإثم.
والباء يحتمل أن تكون سببية، أو بمعنى مع.
وقال الزمخشري: هي كقولك: أخذ الناس الأمير بكذا، أي ألزمهم إياه.
فالمعنى حملته العزةُ على الإثم.
(فاعلَموا أَن اللهَ عَزِيزٌ حكيم) :
تهديد لمن زَلّ بعد البيان.
ويحتمل أن يكون الخطاب بقوله: (ادخلوا في السِّلْم) لأهل الكتاب، على معنى الأمر لهم بالدخول في الإسلام.
ولما سمع بعض الأعراب قارئاً يقرأ: (فاعلموا أن الله غفورٌ رحيم) - قال له: أخطأت.
فقال: من أين علمت، قال: أَيغريهم على المعصية.
(فلِلوَالدين والأقربين) :
بيان مَصْرف نفقَة التطوّع.
وتقدم في الترتيب الأهمّ فالأهمّ، وإن أريد بالنفقة الزكاة المفروضة فذلك
منسوخ.
(فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) :
أي اجتنبوا جِمَاعَهُنّ في