السماء تظهر الظاهر فشمس شرْعك تُظهر الغيب.
اتَقُوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، إذا كان في النجوم هدى للسالك في السالك، فكم بنجوم آياتك من مهتدٍ إلى الحق.
(فأماتَه الله مائةَ عامٍ ثم بعثه) :
الضمير يعود على عزَير.
وقيل: على الخضْر، وذلك أنه مرّ على قرية، وهي بيت المقدس لما خرَّبَها
بخْت نَصّر، وقيل قرية الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فسأل عن كيفية إحيائهم، فأراه الله ذلك عياناً في نفسه، ليزدادَ بصيرة، وأماته مائةَ عام ثم بعثه، وذلك أنه أماته غدوة يومٍ، ثم بعثه قبل الغروب من يومِ آخر بعد مائة عام، فظنَّ أنه يوم واحد.
ثم رأى بقيَّةً من الشمس، فخاف أن يَكذب، فقال: (يوماً أو بعض يوم) .
وروي أنه قام شابًّا على حالته، فوجد أولاده وأولادهم شيوخاً.
وكذلك قصة أصحاب الكهف، لما بعثهم قال بعضهم لبعض: (كم لبِثْتُم) .
وكذلك يسألون في القيامة: (كم لبثتم) (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ) ، كل ذلك دلالة على أنَّ الدنيا كلها كثيرهاَ كقليلها، ولا يلبث الإنسان فيها إلا كنَفَس واحد.
وهذا مشاهد، وليس الخبر كالعيان.
(فلما تبَيَّن له) ، أي تبيَّنَ له كيفية الإحياء، فأراه الله في نفسه ذلك.
ولذلك قال: (انظر إلى طعامِكَ وشرابك لم يتَسنَّه) ، أي يتغير.
وانظر إلى حمارك كيف تركْتَه مربوطا بحبل من ليف، ولم يتغير.
قال: (أعلم أن الله على كل شيء قدير) - بهمزة قطع وضم الميم - اعترافاً.
وقرئ بألف وَصْل والجزم على الأمر، أي قال له الملك ذلك.
فإن قلت: ما الحكمة في أنَّ عزيراً سأل الإحياء، فعاقبه، وإبراهيم سأل مثل
ذلك فأجابه؟
فالجواب أن عزَيراً سأل عن القدرة، فقال: (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا)