وقد قالوا: إن القلب لا يجوز إلا في الضرائر أو فيما قلّ من الكلام.
وقد جعلوا منه: (ما إنَّ مَفاتِحَه لتَنوء بالعصْبَة أولي القوة) .
وفي الآية دليل على أنَّ منكِرَ البعث كافر، واشتملت على اللفظ العام
والإبهام، ثم التفسير، لأن قوله: (وأولئك الأغلال في أعناقهم) - تفسير للعذاب النازل بهم.
وهذا من باب ذكر المسبب عقب السبب، لأنَّ الكفر سبب في غلّ
الأعناق.
فإن قلت: هل هذا على التوزيع، أو كلّ واحد في عنقه أغلال؟
فالجواب أن آية الحاقّة، تدل على التوزيع لكلّ واحد غلّ واحد، أو
تكون الأغلال في رؤوسهم، وهو يقوم مقامَ سلاسل متعددة في عنق كلّ واحد من سائرهم، حتى لا يظهر منه شيء.
وقيل: إن هذا مجاز فيكونون في الدنيا ممنوعين من الإيمان، كقوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) .
والإشارة بأولئك وتكرارها للذين قالوا: (أإذا كنَّا ترابا) .
(فَاخْرج مِنها) :
الضمير يعود على الجنة، وإن لم يَجْرِ لها ذكر، أو من السماء، كما قال في آية الأعراف: (فاهْبِطْ منها) .
ويحتمل أن يعود الضمير على جملة الملائكة، وعلى هذا فيكون إبليس من
الملائكة، وهو الظاهر من القرآن، ومِنْ كثير من الأحاديث، وانتقده ابن عطية بأن الملائكة معصومون، قاله الأصوليون.
وحكى الطبري عن ابن عباس أن الله خلق ملائكةً فأمرهم بالسجود لآدم، فأبوا فأرسل الله عليهم ناراً فأحرقتهم.
ورُدَّ بثبوت العصمة للملائكة.
(فبما أغويتني) :
قد قدمنا مراراً أنَّ الإغواء هو الحَملُ على الوقوع في المعاصي، فلا يقدر على إغواء المخلصين