فإن قلت: لِمَ لمْ يقل في هذه القصة كما قال قبل: إنَّا كذلك نَجْزِي
المحسنين) ، فيكون ذكره تفخيمًا لأمره؟
فالجواب أنه تقدم في قصة إبراهيم نفسها: (إنا كذلك) ، فاستغنى عن إعادتها.
(فأتوا بكتابكم إنْ كنْتم صادقين) :عجَّز قريشاً بهذا الخطاب، لأنهم ليس لهم كتاب يحتجُّون به، وكذلك: (فاسْتَفْتِهم) ، على وجه التقرير والتوبيخ عما زعموا من أن الملائكة بناتْ الله.
(فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) .
يعني بما تعبدون من الأصنام وغيرها.
(وَمَا تَعْبُدُونَ) عطف على الضمير في (إِنَّكُمْ) .
ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
ومعنى فاتنين مضِلِّين.
والضمير في عليه يعود على ما تعبدون، وعلى سببية، معناها التعليل.
و (مَن) مفعول بـ فاتنين.
والمعنى إنكم أيها الكفَّار وكل ما تعبدونه لا تضِلون أحداً إلا مَنْ قضى الله أنه يصْلَى الجحيم.
وقال الزمخشري: الضمير في " عليه " يعود على الله تعالى.
(فَتَولَ عنهم حتّى حِينٍ) ، أي إلى حضور آجالهم.
وقيل: حضور يوم القيامة.
وقيل: حضور يوم بدر، وهذه موادعةْ منسوخة بالقتال.
(فسوف يُبْصرون) :
وعد للنبي - صلى الله عليه وسلم - ووَعِيدٌ لهم.
فإن قلت: ما فائدة تكرير هذه الآية، ولم حُذِف في الثانية المفعول؟
فالجواب: من وجهين: أحدهما أنه اكتفى بذكره أولاً عن ذكره ثانياً.
فحذَفه اختصاراً.
والآخر أنه حذفه ليفيد العموم فيمن تقدم وغيرهم، كأنه
قال: أبصر جميع الكفار، بخلاف الأول، فإنه في قريش خاصة.
(فإذا نزل بساحَتِهم فساءَ صبَاحُ الْمنْذَرين) .
الساحة، الفنَاء حول الدار، والعرب تستعمل هذه اللفظة فيما يرِد على الإنسان من محذور.