(قال إن فيها لوطاً) :
ليس إخبارا بأنه فيها، وإنما قصد نجاةَ لوط من العذاب الذي يصيب أهلَ القرية وبراءته من الظلم الذي وُصفوا به، فكأنه قال: كيف تهلِكون أهْلَ هذه القرية وفيها لوط، وكيف تقولون: إنهم ظالمون وفيهم لوط؟
(قَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) :الضمير لعيسى، وذلك أنهم قالوا: إن كان عيسى يدخل النارَ فقد رضينا أن نكونَ وآلهَتنا معه، لأنه خير من آلهتنا.
وقيل: إنهم لما سمعوا ذِكْرَ عيسى قالوا: نحن أهْدَى من النصارى، لأنهم عبدوا آدميًّا، ونحن عَبَدْنَا الملائكةَ فمقْصِدهم تفضيل آلهتهم على
عيسى.
وقيل: إن قولهم: (أم هو) يَعْنون محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فإنهم لما قالوا إنما يريد محمدٌ أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى قالوا: (أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) - يريدون تفضيلَ آلهتهم على محمد، والأظهر أنَّ المرادَ بـ (هو) عيسى.
وهو قول الجمهور، ويدلّ على ذلك تقدم ذكْرِهِ.
(قوم خَصِمون) :
هذا من قول الله لهم، يعني يريدون أن يغالطوك في عيسى وإنما هو عَبْدٌ أنْعَمْنا عليه بالنبوة وَالمعجزات وغير ذلك.
(قال الذين كفَروا للّذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونَا إليه) :
القائلون لهذه المقالة هم أكابِر قريش لما أسلم الضعفاء، كبلال وعَمَّار
وصيهيب - قالوا: لو كان الإيمان خيراً ما سبقَنا هؤلاء إليه.
وقيل: بل قالها كنانة وقبائل من العرب لما أسلمَتْ غفار ومزَينة وجهينة، وقيل: بل قالها اليهود لما أسلم عَبْدُ الله بن سلام.
والأول أرجح: لأن الآية مَكيّة.
فإن قلت: كان الأوْلى أن يقول ما سَبَقْتمونا إليه، لأن قول الذين كفروا
للذين آمنوا مواجهة؟
والجواب معنى الذين آمنوا: من أجل الذين آمنوا، أي قالوا ذلك عنهم في
غَيْبتهم، وليس المعنى أنهم خاطبوهم بهذا الكلام، لأنه لو كان خطاباً لقالوا: ما سبقتمونا إليه.