وقد ذكر الثعلبي عن الحسن أنَّ بني إسرائيل لما رجعوا إلى مصر بعد هلاك
فرعون - ويقوي قوله آية الشعراء - إليه، ونصبه بالكاف في كذلك يدل على رجوعهم، أي مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها، وأوْرَثْناها لهم، وسمّاها وِراثة من حيث كانت لأناس ووصلت إلى آخرين بعد موت الأولين، وهو حقيقة الميراث في اللغة ورَبطها الشرع بالنسب وغيره من أسباب الميراث.
(قِطَّنَا) :قد قدمنا أنَّ القِط في اللغة له معنيان:
أحدهما الكتاب بالنبطية، والآخر النصيب.
وفي معناه - في قوله: (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) ، ثلاثة أقوال: أحدها نصيباً من الخير، أي دعَوا أَن يعجِّل اللَّهُ لهم في الدنيا.
والآخر نصيبهم من العذاب، فهو كقولهم: (أَمْطِر علينا حجارةً من السماء) .
والثالث صحائف أعمالنا.
فتبًّا لقومٍ طَبع اللَّهُ على قلوبهم وطلبوا الحجارةَ أو العذاب مع علمهم أنه الحق ولولا أنَّ اللهَ رحمهم بوجوده معهم لعاجَلهم بالحجارة ونزولِ العذاب، لكنه - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالم، كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) .
وقال معاوية لرجل من أهل سبَأ: ما أجهل قومك حين ملَّكوا أمرهم امرأة!
ققال له: قوْمك أجهل من قومي حيث قالوا حين دعاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحق: (إنْ كان هذا هو الحق من عندك فأمْطِرْ علينا حجارةً) .
ولم يقولوا: اهْدِنا له.
فإن قلت: قد قال بعدها: (وما لهم ألاَّ يعَذِّبهم الله) ، وهي مناقضة لقوله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنْتَ فيهم) ؟
فالجواب أن هذه الآية نزلت كلّها بمكة إثر قولهم: (أو ائْتِنَا بعذابٍ أليم) .
ونزل قوله: (وما كان الله معذبَهم وهم يستغفرون) ، عند خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة في طريقه إلى المدينة، وقد بقِيَ
بمكة مؤمنون يستغفرون.
وقيل: إن قوله: (وما لهم ألاَّ يعذِّبهم الله) نسخ