جِذع النخلة، فسَّرَه عليه الصلاة والسلام بذلك.
وقيل يعني عيسى، فإن السري
الرجل الكريم.
(سوِيًّا) : أي قويما.
(سلامٌ عليكَ) :
إنما سلم إبراهيم سلام موَادعة ومفارقة لا تحيّة، لأن ابتداء الكافر بالسلام لا يجوز، فإذا سلّم عليه الكافر يقول له: وعليكم، أو عليك السِّلام، بكسر السين، وهي الحجارة.
وفي الحديث: إنَّ عائشة قالت ليهودٍ سلموا: وعليكم السام واللَّعْنة.
فقال لها عليه الصلاة والسلام:
مَهْلاً يا عائشة، فإن اللَهَ رفيق يحبُّ الرفْقَ.
فقالت: أو لم تسمع ما قالوا، قالوا: السام عليكم.
فقال: قد قلت لهم وعليكم.
(سأسْتَغفِر لكَ رَبِّي) :
لما طلب آزَرُ من إبراهيم الاستغفار وعده أنْ يدعوَ له.
قال ابن عطية: معناه سأدعو اللهَ أنْ يهديك، فيغفر لكَ بإيمانك.
وذلك لأن الاستغفارَ للكافر لا يجوز.
وقيل: وعَدَه أن يستغفر له مع كفره، ولعله كان لم يعلم انَّ اللَهَ لا يغفر للكافر حتى أعلمه اللَّهُ بذلك.
ويقَوِّي هذا قوله: (واغْفرْ لأَبي إنه كان من الضالِّين) .
ومثل هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب: " لأستغفِرَنَّ لك ما لم أنْهَ عنك ".
وروي أنه لما نزلت: (إن تستَغْفر لهم سبعين مرة فلن يغفرَ اللَّهُ لهم) ، - قال
- صلى الله عليه وسلم -: " لأزيدنَّ على السبعين "، فلما فعل عبد اللَه بن أبي وأصحابه ما فعلوا، وقولهم: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) ، وتوليتهم عن استغفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم شدَّدَ اللَّهُ عليهم بقوله: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) .
وفي هذا نظر، لأن هذه السورة نزلت في غزوة بني الْمصْطلق قَبْل الآية ِ الأخرى بمدة.
وروي أنه إذا كان يوم القيامة يجعل اللَّهُ آزَر تحت قدم إبراهيم على صورة كبش ملطَّخ بالدم ويُؤْمَرُ إبراهيم بذبحه، لأنه لما حملت أمّه بإبراهيم اشتهى أن يكونَ غلاماً فيذبحه تحت رِجل النمرود رضاءً له