وانظر حكاية عبد الله بن عمر لما سافَر معه اليهوديُّ، فوجد منه من النصح ما أشعر به، فسأله ابن عمر عن هذه النصيحة وأنه لم يصدر منه في جانبه إلا
المودة، فقال له: كنْت أمشي على ظلّك، لأني لم أقدر لك على غيره من النكاية، وقد شدَّدَ العلماء في خلطتهم ومحبتهم، وكيف لا يشددون والله يقول: (لا تجد قوماً يؤمنون باللهِ واليوم الآخر يوَادّون مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَه) ، فمصاحبة من حادّ الله ورسوله تفْضي إلى النار، نسأل الله السلامة.
(وكلوا) :
جاء هذا الأمر بعد النهي عن الاعتداء في التشديد على الأَنفس رِفْقاً من الله بعباده، وخَصَ الأكلَ بالذكر، لأنه أعظم حاجاتِ الإنسان.
(ومَنْ قتلَه منكم متَعَمِّدًا) :مفهوم الآية يقتضي أنَّ جزاءَ الصيد على المتعمد لا على الناسي، وبذلك قال أهل الظاهر.
وقال جمهور الفقهاء: إن المتعمِّد والناسي سواء في وجوب الجزاء، ثم اختلفوا في تأويل قوله: (متَعَمِّدًا) على ثلاثة أقوال:
أحدها أن المتعمد إنما ذكر لينَاط به الوعيد الذي في قوله: (ومن عاد فيَنْتقم الله منه) ، إذ لا وعيدَ على الناسي.
والثاني أن الجزاء على الناسي بالقياس على المتعمّد.
والثالث أن الجزاء على المتعمد ثبت بالقرآن، وأن الجزاءَ على الناسي ثبت
بالسنة.
(وَبَال أمْرِه) :
عاقبة أَمره من الشر والوَبَال وسوء العاقبة، يقال: ماء وبيل وكلأ وبيل، أي وبيل لا يستمر أو تَضرُّ عاقبته، والوبيل والوخيم ضد المرىء.
(وطعامه) :
الضمير عائد على البحر، يعني ما قذفَ به، ولا يطفو عليه، لأن ذلك طعام وليس بصيد، قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وقال ابن عباس: طعامه: ما صلح منه.