وإن أريد بالرعد السحاب فالمعنى أنه سبَّح اللهَ وحمده على إبرازه إياه من
العدم إلى الوجود بلسان الحال لا بالقول، إذ لا عقل له، فلذلك لم يُسنِد
الخوف إليه، بخلاف التسبيح، لقوله: (وإنْ من شيء إلاَّ يسبِّحُ بحَمْده) .
والخوف إنما يقَعُ من العاقل.
(والذين يَدْعون مِن دونه) :
لم يَدْعُوهم مِنْ دون الله: لكن الجزء الذي شركوهم فيه مع الله في العبادة دعوهم فيه من دونه.
(يستجيبون) :
ليس هو من استفعل بمعنى طلب الفعل، وإنما هو كقول
الشاعر:
وداعٍ دعا يَا مَنْ يُجيب إلى النَّدا
... فلم يَسْتَجِبْه عند ذلك مُجِيب
فعلى هذا لا سؤال، وإن لم يكن بمعنى أجاب يرد فيه بأن استجاب خاصة
بمن أجاب بما يوافق غَرَض السائل.
وأجاب علامة في المجيب بالموافق والمخالف، فيقال لهم نفي جوابهم بالموافق، مع أنهم لا يجيبون بشيء على الإطلاق، فيجاب بأن مطلوبهم من الآلهة إنما هو حصولُ غَرضهم، فنفاه.
وأما غيره فليس مطلوباً لهم، فلم يحتج إلى نفيه، قاله الزمخشري.
وقوله: (كباسطِ كَفيه) :يحتمل أن يريد به إلا استجابة كاستجابة باسط، أي كاستجابة الماء من بسط كفيهِ إليه يطلب أنْ يبلغه فاه.
والماء جماد لا يشعر بعطشه ولا بدعائه له.
وشَبَّه باسطَ كفيه للماء دون فاتح فيه للماء، لأنه داعٍ، وشأن الداعي أن يبسط يديه.
(وما هو بِبَالغهِ) :
الفعل يقتضي التجدد، والاسم يقتضي الثبوت، فإذا أريد المبالغة عبّر في الثبوت بالاسم، وفي النفي بالفعل، لأنه يلزمُ من نفي ثبوت الصفة وقتا ما نَفْى ثبوتها دائماً، ولا يلزم من نفي ثبونها دائما نفي ثبوتها وقتاً ما، وكذلك يؤتى في الأعم بالنفي، وفي الأخص بالثبوت، لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، وثبوت الأعم يستلزم تفْي ثبوت الأعم، ونحوه