استعمالاً، ولأن الزَّبور مفرد فدلالتُه على الواحد أرجَحُ من دلالته على الجمع، ولأن النصَّ قد ورد في زبور داود بأن الأرض يَرِثُها الصالحون، والأرضُ على الإطلاق في مشارق الأرض ومغاربها.
وقيل الأرض المقدسة.
وقيل أرض الجنة:
والأول أظهر.
والعبادُ الصالحون في الآية أمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ففي الآية ثناء عليهم، وإخبار بظهور غيب مصداقه في الوجود، إذ فتح الله لهذه الأمَّة مشارقَ الأرض ومغاربها.
(وأنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يريد) :
قال ابن عطية: أنَّ في موضع خبر الابتداء، والتقدير الأمر أنَّ اللهَ، وهذا ضعيف، لأن فيه تكلفَ إضمارٍ وقطعاً للكلام عن المعنى الذي قبله.
وقال الزمخشري: التقدير أن الله يهدي من يريد أنزلناه كذلك آيات بينات، فجعل أن تعليلا للإنزال، وهذا ضعيف للفصل بينهما بالواو، والصحيح عندي أنَّ قوله: وأن الله معطوف على آيات بينات، لأنه مقدر بالمصدر، فالتقدير أنزلناه آيات بينات، وهذا لمن أراد الله أن يهديه.
(وكثير من الناس) :
إنْ جعلنا سجودَ مَنْ في السماوات والأرض بمعنى الانقياد للطاعة فيكون (كثير من الناس) معطوف على ما قبله من الأشياء التي تسجد، ويكون قوله: (وكثير حقَّ عليه العذَاب) ، مستأنف يراد به الانقياد للطاعة، ويوقف على قوله: (وكثير من الناس) ، وهذا القولُ هو الصحيح.
وإن جعلنا السجود بمعنى الانقياد لقضاءَ الله وتدبيره
فلا يصحّ تفصيل الناس على ذلك إلى من يسجد ومن لا يسجد، لأنَّ جميعهم
يسجد بذلك المعنى، وقيل: إن قوله: (وكثير من الناس) معطوف على ما
قبله، ثم عطف عليه (كثير حق عليه العذاب) ، فالجميع على هذا يسجد، وهذا ضعيف، لأن قوله: حقَّ عليه العذاب يقتضي ظاهِرة أنه إنما حقَّ عليه
العذاب بتَرْكهِ السجود.
وتأوّله الزمخشري على هذا المعنى بأن إعراب كثير من