وأجاب بعضهم أن هلاك الظالم بظلمه وهلاكَ مَنْ لم يظلم إنما هو ابتلاء له
ليصبر، فيعظم بذلك أجْرُه ومثوبته، فهو رحمة به بهذا الاعتبار.
قال الفخر: واستدل بعضُهم بالآية على عدم عِصْمَةِ الأنبياء، واستدل بها مَنْ جوّز الردة على جميع الخلق لنسبة الظلم فيها لجميع الناس.
ورُدَّ بأنَّ العمومَ في الآية إنما هو بالمؤاخدة وأمّا الظلم فإنما ذُكر على سبيل
الفَرْض والتقدير، أي لو فرض وقوع الظلم من الجميع وأوخذوا به لم يبق أحد، ولا يلزم من فرض الشيء وقوعُه، كما قال: (لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لَفَسَدَتَا) .
فإن قلت: يفهم من قوله تعالى: (لا يَسْتَأخِرون ساعةً) .
نفْي تأخرهم عن أجلهم، لأنه كان متوهماً، وأما تقدمهم على أجلهم إذا حضر بمستحيل إذ الماضي لا يعودُ، فلم احتيج إلى نَفْيه، وجُعل جواباً للشرط؟
والجواب أنه على معنى التأكيد لذلك، وإشارة إلى تسوية الأمْرِ الضروري
بالمشكوك فيه، لأنَّ استحالة تقدمهم عن أجلهم إذا حضر أمْرٌ ضروري.
وتأخرهم عنه مشكوك فيه، ألا تَرى مَنْ حلّ عليه دين مؤجل يمكن أن يؤخّره
ربّه عنه، ولا يمكن أن يقدمه هو عن أجله بعد حلوله بوَجْه، فكأنه يقول: كما يستحيل تقدّمهم عن أجلهم إذا حل كذلك يستحيل تأخّرهم عنه، لأن ما علمه الله وقدَّره لا بدّ من وقوعه.
(وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) :
هذا من قول سليمان لَمّا أنعم الله تعالى عليه بالملك، وعلم أنه
رخاء لا ينفعه عند الله إلا بإلْهَامِه الشكر.
وحقيقةُ (أوْزِعني) اجعلني أزع شكر نعمتك عندي وأكفّه وأربطه، لا
ينفلتُ عني، حتى لا أنفكّ شاكراً لك.
وأدخل والديه في الدعاء، لأن النعمةَ عليهما للولد منها نصيب بالوراثة، فيجب شُكْرُ الوالد على ذلك، لأن موجبَ