لقمان مبنية على الإطالة، فناسب ذلك التعدية بعلى، وإنما أمره بالرفق في آية لقمان بقوله: (وصَاحِبْهما في الدنيا مَعْروفا) ، لأن مبنى الآية
على الأمر بما يفعل بهما ومعهما من غير تقدّم مطلبٍ لهما، ووَجْه ختم هذه الآية بالرجوع إلى الله تحذير مِن طاعتهما في الشرك، وإبلاغٌ في النهي عن الصغْو إليهما في ذلك إلى الغاية لئلا يظَنّ أَن ذلك كآية الإكراه كما تقدم، ولما لم يقع في آية الأحقاف ذكر الشرك وكانت فيمن كان على الإيمان، وقد علم المؤمن رجوعه إلى ربّه، لم يَرِدْ فيها ذكر ذلك.
(وما يجْحَد بآياتِنَا إلا الكافرون) .
أي الجاحدون من كلّ أمة قد أمن سلفها في القديم والحادث، وأسند الجَحْد في هذه إلى الكافرين وفيما بعدها إلى الظالمين، فقيل، ليعمَّ لفطهما كلَّ مكذب بمحمد عليه الصلاة والسلام، ولكن عظم الإشارة بهما إلى كفار قريش، لأنهم الأهم.
فإن قلت: الظلم يصح إطلاقه على ما دون الكفر فلو ورد وَسْمهم أولاً
بالظلم، ثم ثانياً بالكفر لكان أنسب؟
والجواب: أنَّ الظلم وإن كان يطلق على الكفر وعلى ما دونه، قال تعالى:
(والكافِرونَ هم الظالمون) ، فإنه إذا ذكر بعد الكفر وصف به مَنْ وصف بالكفر لفَهْم زيادة تترتب على الكفر، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) .
وعلى هذا ورد في القرآن، فقد وضح ما وردت عليه هاتان الآيتان، وليس من المشكل في شيء.
(ولئن سأَلتهم مَنْ خلق السماواتِ والأرض) .
الضمير في الموضعين لأهل مكة والسؤال لإقامة الحجة على الكفار، لأنهم أقرّوا بأنه سبحانه هو الخالق لهذه المخلوقات العظيمة كما قدمناه في غير ما موضع، ولذلك أنكر الله عليهم جَحْد عبادته بقوله: (فأنَّى يؤفكون) .
أي يُصرَفون عن توحيده ومعرفته.
ووَجْه تعقيب هذه الآية بالإفك، والثانية بعدها