(وكلاَّ وَعَد الله الحُسْنى) :
أي كل واحد من الطائفتيْن الذين أنْفَقُوا وقاتلوا قَبْل الفتح وبعده.
(وغَرَّتْكم الأمانِيُّ) .
الإشارةُ إلى الكفار والمنافقين، وذلك أنهم كانوا يتمنَّوْنَ وفاةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، أو هزيمتهم، إلى غير ذلك من الأمانيّ الكاذبة.
(وَلاَ يكونوا كالذين أوتوا الكتابَ من قَبْلُ) :
معطوفة على (أن تخْشع) .
ويحتمل أن يكون نَهْياً.
والمراد بها تحذيز المؤمنين من أن يكونوا كالمتقدمين من اليهود والنصارى في طول أملهم وقسوة قلوبهم.
وقد وقعنا فيما حذِّرنا منه، فلا يخفاك ذلك، وإن طول الأمل
يقَسّي القلب، ويُبْعد عن الآخرة، ويكثر الحرص، ويقلُّ القناعة، وهذه موجودة فينا ظاهراً وباطناً.
قال - صلى الله عليه وسلم -:
" لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ".
وهل هذا كلّه إلا مِن خلطتهم والتقرب منهم، لأن المرء على دِين خَليله.
وانظر حكاية المحمدي في زمان معاوية لما أن ألْقَتِ الريح مركبهم في جزيرة من جزائر. . .
نزلوا في البر، فأتى ملكهم وعليه كساء ملبّد ورجلاه حافيتان عاري الرأس، فنزل معهم، وقال: ما لكم أيها العرب تطَئُون القمح والشعير تحت أقدامكم، وتغلفون سيوفكم بالذهب والفضة، وتتزيّون بزي اليهود والنصارى في أواني الذهب والفضة، فقال أحدهم: هذا كله من مخالطتهم.
فقال: اذهبوا عني لئلا يصيبني ما أصابكل، وزوَّدَهم وأمرهم بالانصراف.
فقال له أحدهم: أنْتَ ملك هذه الجزيرة، وأنت على هذه الهيئة، فقال: يحقَّ لمن رفعه الله بالنعمة أن يَزْدَاد تواضعاً، وإني قد ملكني اللَّهُ أهْلَ هذه الجزيرة فيحقّ لي ألاَّ أتكبّر عليهم، ثم انصرف عنهم وتركهم.
(وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ) :
ضمير الجمع