في الطول وعِدَّة الكلم كالمحكي في سورة براءة، ألا ترى أنَّ الواقع في براءة ست كلمات، وفي الصف ثلاث كلمات، والقائِل طائفةٌ واحدة.
وهذا مراعى.
(يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) :ضمير الجماعة يعود على المنافقين الذين يحلفون: (لو استَطَعْنَا لخَرَجْنَا معكم) ، فأخبر الله رسولَه بكذبهم، وأنهم كانوا يستطيعون الخروج، ولكن تركوه كفرا ونفاقاً، وهذا كلّه في الجملة لا بتعيّن شخص، ولو عُيِّن لقُتِل بالشرع.
وانظر كيف عَبَّر هنا بالعلم بخلاف الآية بعدها.
وفي الحشر والمنافقين لأنَّ الاستطاعةَ وعدمها حكم لا يطَّلع عليه في الغالب، بل ينفرد كلّ بحاله في ذلك، إلا أنْ يعلم ذلك بقرينة، فقول المنافقين في إخبار الله تعالى عنهم: (لو استَطَعْنَا لخرَجْنَا معكم) ، غير مشاهد من ظاهرهم، فقد كان يمكن صدقهم أو صدق بعضهم لوْلا أنّه سبحانه أعلم بحالهم، فناسب التعين بالعلم.
(يَرْكُمَهُ جميعاً) .
أى يضمّه ويجعل بعضه فوق بعض.
(يوم يُحْمَى عليها) :الضمير يعود على ما يعود عليه ضمير (ينفقونها) ، والعامل في الظرف (ألِيم) ، أو محذوف.
فانظر ما أوعد الله للمُمْسك مالَه ولا ينفقه.
وقد أخبرنا اللهُ بعذابه في آياتٍ من كتابه كقوله تعالى: (وَيْل لكلِّ هُمَزَةٍ لمَزَةٍ) .
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ)
... إلى قوله: (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) .
(مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) .
(كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى) .
وأكرم الله الْمُنْفق بخمس كرامات:
جعل الصدقَة تقَعُ في يده قبل وقوعها في يد السَّائل، فيربيها له كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، وتكون وقايته من المكاره، كما صحَّ أن الصدقة
لتدفع سبعين باباً من السوء، يعني في الدنيا والآخرة، لقوله عليه السلام: دَاوُوا مرضاكم بالصدقة.
وتحرس المال، للحديث: " حَصِّنُوا أموالكم بالزكاة ".