قلت: هذا بمنزلة الشفاعة، وفائدتُه زيادةُ الكرامةِ والثواب.
فإن قلت: هل قيدت هذه الآية الآية المطلقة في حم عسق، وهي قوله:
(ويستَغْفِرُون لمنْ في الأرض) ، لأنه معلوم أنَّ الملائِكة
صلوات الله وسلامه عليهم لا يستغفرون لكافر؟
والجواب: يحتمل أن يكون استغفارهم لهم بمعنى طلب هدايتهم والمغفرة لهم
بعد ذلك، كما استغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه، واستغفار نبينا للمنافقين، ولما تقدم هذه الآية: (غافِرِ الذَّنْبِ وقَابِلِ التَّوْب) ، ناسب استغفارَ
الملائكة للمؤمنين منهم، يَشْهد لهذا قوله بعده (فاغْفِرْ للذين تَابُوا) .
ولما تقدم آية الشورى: (تكاد السموتُ يتَفَطَّرْن من فوقِهنّ) ، ناسب استغفارَ الملائكة لمن في الأرض لإبقاء الستر، إذ لا يفوتونه.
وقد يُؤْمن مَنْ سبقت له السعادة منهم.
(يُرِيكم آياته) :
هذا عموم بعد ما قدم من الآيات المخصوصة، ولذلك وبَّخهم بقوله: (فأيَّ آياتِ اللَهِ تنْكرون) .
(تكاد السماوات يَتَفَطَّرْنَ من فَوْقهن) ، أي يتشقَّقْن من
خوف الله وتعظيم جلاله.
وقيل من قول الكفار: (اتَّخذَ الله ولداً) ، فهي كالآية التي في مريم.
قال ابن عطية: وما وقع للمفسرين من ذكر الثقل هنا مردود، لأنَّ الله تعالى
لا يوصَف به.
فإن قلت: لو أراد تشقّق السماء من قوْلِ الكفار لقال مِنْ فوقهم، وما وجْه
اتصال التسبيح والاستغفار من الملائكة بهذه الآية؟
والجواب: أن المعنى تشقق السماوات من أعلاهن، وذلك مبالغة في التهويل.
وقيل الضمير للأرضين، وهذا بعيد.
وقيل للكفار، كاْنه قال من فوق الجماعات
الكافرة التي من أجل أقوالها تكاد السماوات تتَفَطرْن.
وهذا أيضاً بعيد.